المتابعون

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 مارس 2023

من سورة الحجرات

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١٢
من سورة الحجرات 
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [الحجرات ١٢]

يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ، وَهُوَ التُّهْمَةُ وَالتَّخَوُّنُ لِلْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالنَّاسِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ يَكُونُ إِثْمًا مَحْضًا، فَلْيُجْتَنَبْ كَثِيرٌ مِنْهُ احْتِيَاطًا، وَرُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: وَلَا تَظُنَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمَلًا(١) .وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي ضَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الحِمْصي، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ النَّضري، حَدَّثَنَا(٢) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ(٣) قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: "مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالُهُ وَدَمُهُ، وَأَنْ يُظَنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرٌ(٤) . تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ(٥) .وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّناد، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ(٦) أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا".رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْعُتْبِيِّ [ثَلَاثَتُهُمْ](٧) ، عَنْ مَالِكٍ، بِهِ(٨) .وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ](٩) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ".رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ -وَصَحَّحَهُ-مِنْ حديث سفيان بن عيينة، به(١٠) .وَقَالَ(١١) الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ القِرْمِطي الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ثلاث لازمات لِأُمَّتِي: الطِّيَرَةُ، وَالْحَسَدُ وَسُوءُ الظَّنِّ". فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يُذْهِبُهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّنْ هُنَّ فِيهِ؟ قَالَ: "إِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَأمض(١٢) "(١٣) . وَقَالَ(١٤) أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِرَجُلٍ(١٥) ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا فُلَانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ، وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْ بِهِ(١٦) .سَمَّاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي رِوَايَتِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ(١٧) .وَقَالَ(١٨) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا لَيْث، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيط الخَوْلاني، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ دُخَيْن كَاتِبِ عُقْبَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُقْبَةَ: إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَأَنَا دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ فَيَأْخُذُونَهُمْ. قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ. قَالَ: فَفَعَلَ فَلَمْ يَنْتَهُوا. قَالَ: فَجَاءَهُ دُخَيْن فَقَالَ: إِنِّي قَدْ نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَإِنِّي دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ فَيَأْخُذُونَهُمْ. قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ. قَالَ: فَفَعَلَ فَلَمْ يَنْتَهُوا. قَالَ: فَجَاءَهُ دُخَيْنٌ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَإِنِّي دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ فَتَأْخُذُهُمْ. فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا".وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، بِهِ نَحْوَهُ(١٩) .وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: "إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ" أَوْ: "كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ". فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، نَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، بِهِ(٢٠) .وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا ضَمْضَم بْنُ زُرَعَة، عَنْ شُرَيْح بْنِ عبيد، عن جُبَيْر بْنِ نُفَيْر، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّة، وَعَمْرِو بن الأسود، والمقدام بن معد يكرب(٢١) ، وَأَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في الناس، أَفْسَدَهُمْ"(٢٢) .[وَقَوْلُهُ] :(٢٣) ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ أَيْ: عَلَى بَعْضِكُمْ بَعْضًا. وَالتَّجَسُّسُ غَالِبًا يُطْلَقُ فِي الشَّرِّ، وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ. وَأَمَّا التَّحَسُّسُ فَيَكُونُ غَالِبًا فِي الْخَيْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ يَعْقُوبَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ](٢٤) إِنَّهُ قَالَ: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يُوسُفَ: ٨٧] ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الشَّرِّ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "لَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"(٢٥) .وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: التَّجَسُّسُ: الْبَحْثُ عَنِ الشَّيْءِ. وَالتَّحَسُّسُ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى حَدِيثِ الْقَوْمِ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَتَسَمَّعُ عَلَى أَبْوَابِهِمْ. وَالتَّدَابُرُ: الصَّرْم. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الْغَيْبَةِ، وَقَدْ فَسَّرَهَا الشَّارِعُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا القَعْنَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(٢٦) قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: "ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ". قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ الدَّرَاوَرْدي، بِهِ(٢٧) . وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بُنْدَار، عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْعَلَاءِ(٢٨) . وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَمَسْرُوقٌ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّة.وَقَالَ(٢٩) أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا! -قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ: تَعْنِي قَصِيرَةً-فَقَالَ: "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ". قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ ﷺ: "مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا، وَإِنَّ لِي كَذَا وَكَذَا".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى القَطَّان، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيّ، ووَكِيع، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ سَلَمَةَ بْنِ صُهَيْبَةَ الْأَرْحَبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهِ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ(٣٠) .وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ الْمُخَارِقِ(٣١) ؛ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمَّا قَامَتْ لِتَخْرُجَ أَشَارَتْ عائشة بيدها إِلَى النَّبِيِّ ﷺ -أَيْ: إِنَّهَا قَصِيرَةٌ-فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "اغْتَبْتِيهَا"(٣٢) .وَالْغِيبَةُ مُحَرَّمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا رَجَحَتْ مَصْلَحَتُهُ، كَمَا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالنَّصِيحَةِ، كَقَوْلِهِ ﷺ(٣٣) ، لَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْفَاجِرُ: "ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ"(٣٤) ، وَكَقَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ -وَقَدْ خَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ-: "أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ(٣٥) ، وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ"(٣٦) . وَكَذَا مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ. ثُمَّ بَقِيَّتُهَا عَلَى التَّحْرِيمِ الشَّدِيدِ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا الزَّجْرُ الْأَكِيدُ(٣٧) ؛ وَلِهَذَا شَبَّهَهَا تَعَالَى بِأَكْلِ اللَّحْمِ مِنَ الْإِنْسَانِ الْمَيِّتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ ؟ أَيْ: كَمَا تَكْرَهُونَ هَذَا طَبْعًا، فَاكْرَهُوا ذَاكَ شَرْعًا؛ فَإِنَّ عُقُوبَتَهُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَهَذَا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا، كَمَا قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْعَائِدِ فِي هِبَتِهِ: "كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ"، وَقَدْ قَالَ: "لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ". وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ(٣٨) وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ فِي خُطْبَةِ [حَجَّةِ](٣٩) الْوَدَاعِ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا"(٤٠) .وَقَالَ(٤١) أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرام: ماله وعرضه ودمه، حسب امرىء مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ(٤٢) عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ(٤٣) . وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ(٤٤) ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ(٤٥) بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ".تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ(٤٦) . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حبيب الزيات، عن أبي إسحاق السَّبِيعي(٤٧) ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ(٤٨) قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حتى أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي بُيُوتِهَا -أَوْ قَالَ: فِي خُدُورِهَا-فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ(٤٩) فِي جَوْفِ بَيْتِهِ"(٥٠) .طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَم، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإيمانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ". قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أعظمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ(٥١) .قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا حَيْوَة بْنُ شُرَيْح، حَدَّثَنَا بَقِيَّة، عَنِ ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ؛ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أُكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا فِي(٥٢) جَهَنَّمَ(٥٣) ، وَمِنْ كُسى ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ فِي(٥٤) جَهَنَّمَ. وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مَقَامَ سمعةٍ وَرِيَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ(٥٥) .وَحَدَّثَنَا ابْنُ مُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَمَّا عُرِج بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرَائِيلُ(٥٦) ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ".تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ الْحَجَّاجِ الشَّامِيِّ، بِهِ(٥٧) .وَقَالَ(٥٨) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبدة، حدثنا أبو عبد الصمد بن عبد العزيز ابن عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ العَبْديّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ](٥٩) قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنَا مَا رَأَيْتَ لَيْلَةَ أسريَ بِكَ؟ ... قَالَ: "ثُمَّ انْطُلِقَ بِي إِلَى خَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِيرٍ، رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مُوَكَّل بِهِمْ رِجَالٌ يَعْمِدُونَ إِلَى عُرْض جنَب أَحَدِهِمْ فَيَحْذُون مِنْهُ الحُذْوَة مِنْ مِثْلِ النَّعْلِ ثُمَّ يَضَعُونَهُ فِي فِيِّ أَحَدِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُ: "كُلْ كَمَا(٦٠) أَكَلْتَ"، وَهُوَ يَجِدُ من أكله الموت -يا مُحَمَّدُ-لَوْ يَجِدُ الْمَوْتَ وَهُوَ يُكْرَهُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا جِبْرَائِيلُ(٦١) ، مَنْ هَؤُلَاءِ: قَالَ: هَؤُلَاءِ الهمَّازون اللمَّازون أَصْحَابُ النَّمِيمَةِ. فَيُقَالُ(٦٢) : ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ وَهُوَ يُكْرَهُ عَلَى أَكْلِ لَحْمِهِ.هَكَذَا أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدْ سُقْنَاهُ بِطُولِهِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ "سُورَةِ سُبْحَانَ" وَلِلَّهِ الْحَمْدُ(٦٣) .وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَصُومُوا يَوْمًا وَلَا يَفْطُرَنَّ أحدٌ حَتَّى آذَنَ لَهُ. فَصَامَ النَّاسُ، فَلَمَّا أَمْسَوْا جَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَقُولُ: ظَلِلْتُ مُنْذُ الْيَوْمِ صَائِمًا، فَائْذَنْ لِي. فَأُفْطِرُ فَيَأْذَنُ لَهُ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ ذَلِكَ، فَيَأْذَنُ لَهُ، حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ فَتَاتَيْنِ مِنْ أَهْلِكَ ظَلَّتَا مُنْذُ الْيَوْمِ صَائِمَتَيْنِ، فَائْذَنْ لَهُمَا فَلْيفطرا فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَعَادَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا صَامَتَا، وَكَيْفَ صَامَ مَنْ ظَلَّ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ؟ اذْهَبْ، فَمُرْهُمَا إِنْ كَانَتَا صَائِمَتَيْنِ أَنْ يَسْتَقْيِئَا". فَفَعَلَتَا، فَقَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَقةً علقَةً فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَوْ مَاتَتَا وَهُمَا فِيهِمَا لَأَكَلَتْهُمَا النَّارُ"(٦٤) .إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَمَتْنٌ غَرِيبٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِي عَنْ عُبَيْدٍ -مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ(٦٥) -أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا، وَإِنَّهُمَا كَادَتَا تَمُوتَانِ مِنَ الْعَطَشِ -أرَاهُ قَالَ: بِالْهَاجِرَةِ-فَأَعْرَضَ عَنْهُ -أَوْ: سَكَتَ عَنْهُ-فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهُمَا -وَاللَّهِ قَدْ مَاتَتَا أَوْ كَادَتَا تَمُوتَانِ(٦٦) . فَقَالَ: ادْعُهُمَا. فَجَاءَتَا، قال: فجيء بِقَدَحٍ -أَوْ عُسّ-فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: " قِيئِي" فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ. ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: قِيئِي فَقَاءَتْ قَيْحًا وَدَمًا وَصَدِيدًا وَلَحْمًا وَدَمًا عَبِيطًا وَغَيْرَهُ حَتَّى مَلَأَتِ الْقَدَحَ. فَقَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ.وَهَكَذَا قَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَابْنِ أَبِي عِدَيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ طِرْخان التَّيْمِيِّ، بِهِ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ(٦٧) . ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُسَدَّد، عَنْ يَحْيَى القَطَّان، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَظُنُّهُ فِي حَلْقَةِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ -مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ-أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِصِيَامٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُلَانَةُ وَفُلَانَةُ قَدْ بَلَغَتَا الْجَهْدَ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُهُمَا". فَجَاءَ بعُس -أَوْ: قَدَح-فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: "قِيئِي"، فَقَاءَتْ لَحْمًا وَدَمًا عَبِيطًا وَقَيْحًا، وَقَالَ لِلْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، أَتَتْ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى فَلَمْ تَزَالَا تَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ حَتَّى امْتَلَأَتْ أجوافهما قَيْحًا"(٦٨) .وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا قَالَ "عَنْ سَعْدٍ"، وَالْأَوَّلُ -وَهُوَ عُبَيْدٌ-أَصَحُّ.وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَد، حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ(٦٩) عَنْ ابْنِ عَمّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَاعِزًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ -قَالَهَا أَرْبَعًا-فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ قَالَ: "زَنَيْتَ"؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "وَتَدْرِي مَا الزِّنَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَلَالًا. قَالَ: "مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ؟ " قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَدْخَلْتَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا يَغِيبُ المِيل فِي الْمُكْحُلَةِ والرِّشاء(٧٠) فِي الْبِئْرِ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ فَرُجِمَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلَيْنِ يَقُولُ أَحَدَهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجمَ رَجْمَ الْكَلْبِ. ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى مَرّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ فَقَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ" قَالَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا رَسُولَ، اللَّهِ وَهَلْ يُؤكل هَذَا؟ قَالَ: "فَمَا نِلْتُمَا مِنْ أَخِيكُمَا(٧١) آنفا أشد أكلا من، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ الْآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ فِيهَا"(٧٢) ] إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ](٧٣) .وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ -مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ-حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَة، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَارْتَفَعَتْ رِيحُ جِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُؤْمِنِينَ(٧٤) "(٧٥) .طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ عَبْدُ بْنُ حُميد فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا الفُضيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ -وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ-عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَهَاجَتْ رِيحُ مُنْتِنَةٌ(٧٦) ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ اغْتَابُوا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ" وَرُبَّمَا قَالَ: "فَلِذَلِكَ هَاجَتْ هَذِهِ الرِّيحُ"(٧٧) .وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾ : زَعَمَ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ كَانَ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ يَخْدُمُهُمَا وَيَخِفُّ لَهُمَا، وَيَنَالُ مِنْ طَعَامِهِمَا، وَأَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا سَارَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ وَبَقِيَ سَلْمَانُ نَائِمًا، لَمْ يَسِرْ مَعَهُمْ، فَجَعَلَ صَاحِبَاهُ يُكَلِّمَانِهِ(٧٨) فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَضَرَبَا الخِباء فقالا ما يريد سليمان -أَوْ: هَذَا الْعَبْدُ-شَيْئًا غَيْرَ هَذَا: أَنْ يَجِيءَ إِلَى طَعَامٍ مَقْدُورٍ، وَخِبَاءٍ مَضْرُوبٍ! فَلَمَّا جَاءَ سَلْمَانُ أَرْسَلَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَطْلُبُ لَهُمَا إِدَامًا، فَانْطَلَقَ فأتى رسول اللَّهِ [ﷺ](٧٩) وَمَعَهُ قَدَح لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثَنِي أَصْحَابِي لِتؤدِمَهم إِنْ كَانَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: "مَا يَصْنَعُ أَصْحَابُكَ بالأدْم؟ قَدِ ائْتَدَمُوا". فَرَجَعَ سَلْمَانُ يُخْبِرُهُمَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَا لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصَبْنَا طَعَامًا مُنْذُ نَزَلْنَا. قَالَ: "إِنَّكُمَا قَدِ ائْتَدَمْتُمَا بِسَلْمَانَ بِقَوْلِكُمَا".قَالَ: وَنَزَلَتْ: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾ ، إِنَّهُ كَانَ نَائِمًا(٨٠) .وَرَوَى الْحَافِظُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ "الْمُخْتَارَةِ" مِنْ طَرِيقِ حَبَّان بْنِ هِلَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَخْدِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْأَسْفَارِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي بكر وعمر ما رَجُلٌ يَخْدِمُهُمَا، فَنَامَا فَاسْتَيْقَظَا وَلَمْ يُهَيِّئْ لَهُمَا طعاما، فقالا إن هذا لنؤوم، فَأَيْقَظَاهُ، فَقَالَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يُقْرِئَانِكَ السَّلَامَ، وَيَسْتَأْدِمَانِكَ.فَقَالَ: "إِنَّهُمَا قَدِ ائْتَدَمَا" فَجَاءَا فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَيِّ شَيْءٍ ائْتَدَمْنَا؟ فَقَالَ: "بِلَحْمِ أَخِيكُمَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرَى لَحْمَهُ بَيْنَ ثَنَايَاكُمَا". فَقَالَا اسْتَغْفِرْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: "مُرَاه فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمَا"(٨١) .وَقَالَ(٨٢) الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ يَسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ أَخِيهِ فِي الدُّنْيَا، قُرِّب لَهُ لَحْمُهُ فِي الْآخِرَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: كُلْهُ مَيْتًا كَمَا أَكَلْتَهُ حَيًّا. قَالَ: فَيَأْكُلُهُ ويَكْلَح وَيَصِيحُ". غَرِيبٌ جِدًّا(٨٣) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَيْ: فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، فَرَاقِبُوهُ فِي ذَلِكَ وَاخْشَوْا مِنْهُ، ﴿إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ: تَوَّابٌ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ، رَحِيمٌ بِمَنْ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ.قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: طَرِيقُ الْمُغْتَابِ لِلنَّاسِ فِي تَوْبَتِهِ أَنْ يُقلع(٨٤) عَنْ ذَلِكَ، وَيَعْزِمَ عَلَى أَلَّا يَعُودَ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ النَّدَمُ عَلَى مَا فَاتَ؟ فِيهِ نِزَاعٌ، وَأَنْ يَتَحَلَّلَ مِنَ الَّذِي اغْتَابَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَحَّلَلَهُ فَإِنَّهُ إِذَا(٨٥) أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ رُبَّمَا تَأَذَّى أَشَدَّ مِمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَا كَانَ مِنْهُ، فَطَرِيقُهُ إِذًا أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ فِي الْمَجَالِسِ الَّتِي كَانَ يَذُمُّهُ فِيهَا، وَأَنْ يَرُدَّ عَنْهُ الْغَيْبَةَ بِحَسْبِهِ وَطَاقَتِهِ، فَتَكُونَ(٨٦) تِلْكَ بِتِلْكَ، كَمَا قَالَ(٨٧) الْإِمَامُ أَحْمَدُ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ؛ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى المعَافِريّ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَهْلَ بْنَ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيّ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ(٨٨) النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ يَعِيبُهُ(٨٩) ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ. وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ". وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ -وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ-بِهِ بِنَحْوِهِ(٩٠) .وَقَالَ(٩١) أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ يَقُولَانِ: قَالَ(٩٢) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ما من امرىء يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ يُحِبُّ فِيهَا نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ(٩٣) ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ يُحِبُّ فِيهَا نُصْرَتَهُ". تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ(٩٤) .

(١) رواه أحمد في الزهد كما في الدر المنثور (٧/٥٦٥) .
(٢) في ت: "وروى ابن ماجه بسنده عن".
(٣) في ت: "بن عمر رضي الله عنه".
(٤) في ت، م: "خيرا".
(٥) سنن ابن ماجه برقم (٣٩٣٢) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٢٣) "هذا إسناد فيه مقال، نصر بن محمد ضعفه أبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات".
(٦) في ت، م: "فإنه".
(٧) زيادة من أ.
(٨) الموطأ (٢/٩٠٨) وصحيح البخاري برقم (٦٠٦٦) وصحيح مسلم برقم (٢٥٦٣) .
(٩) زيادة من ت.
(١٠) صحيح مسلم برقم (٢٥٥٩) ، وسنن الترمذي برقم (١٩٣٥) .
(١١) في ت: "وروى".
(١٢) في ت: "وإذا نظرت فاغضض" وفي م، أ: "وإذا تطيرت فاغمض".
(١٣) المعجم الكبير (٣/٢٢٨) ، قال الهيثمي في المجمع (٨/٧٨) : "فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري وهو ضعيف".
(١٤) في ت: "وروى".
(١٥) لفظة "برجل" غير موجودة بسنن أبي داود.
(١٦) سنن أبي داود برقم (٤٨٩٠) .
(١٧) وذلك لما أكثر الناس في الوليد بن عقبة، وقد كان ابن مسعود على بيت المال في ولاية الوليد بن عقبة في عهد عثمان رضي الله عنه وقصة جلد الوليد على الخمر مشهورة في الصحيحين.
(١٨) في ت: "وروى".
(١٩) المسند (٤/١٥٣) وسنن أبي داود برقم (٤٨٩٢) والنسائي في السنن الكبري برقم (٧٢٨٣) .
(٢٠) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٨) .
(٢١) في م: "معدي كرب".
(٢٢) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٩) .
(٢٣) زيادة من ت.
(٢٤) زيادة من ت.
(٢٥) صحيح البخاري برقم (٢٤٤٢) .
(٢٦) في ت: "أبي هريرة رضي الله عنه".
(٢٧) سنن أبي داود برقم (٤٨٧٤) وسنن الترمذي برقم (١٩٣٥) .
(٢٨) تفسير الطبري (٢٦/٨٦) .
(٢٩) في ت: "وروى".
(٣٠) سنن أبي داود برقم (٤٨٧٥) وسنن الترمذي برقم (٢٥٠٢، ٢٥٠٣) .
(٣١) في ت: "وروى ابن جرير بسنده".
(٣٢) تفسير الطبري (٢٦/٨٧) .
(٣٣) في ت: "عليه السلام".
(٣٤) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣١٣٢) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣٥) في أ: "فصعلوك لا مال له".
(٣٦) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٤٨٠) .
(٣٧) في ت، م: "الشديد".
(٣٨) في ت، م: "الصحيح".
(٣٩) زيادة من ت، م، أ.
(٤٠) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٢١٨) من حديث جابر رضي الله عنه.
(٤١) في ت: "وروى".
(٤٢) في ت: "رواه الترمذي وحسنه".
(٤٣) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٢) وسنن الترمذي برقم (١٩٢٧) .
(٤٤) في ت: "وروى أبو داود".
(٤٥) في أ: "عبيد الله".
(٤٦) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٠) .
(٤٧) في ت: "وروى الحافظ أبو يعلى في مسنده بسنده".
(٤٨) في ت: "البراء بن عازب رضي الله عنه".
(٤٩) في ت: "يفضحه ولو في".
(٥٠) مسند أبي يعلى (٣/٢٣٧) قال الهيثمي في المجمع (٨/٩٣) : "رجاله ثقات".
(٥١) ورواه الترمذي في السنن برقم (٢٠٣٢) من طريق الفضل بن موسى بِهِ، وَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الحسين بن واقد".
(٥٢) في ت، م، أ: "من".
(٥٣) في ت: "في نار جهنم".
(٥٤) في أ: "من".
(٥٥) سنن أبي داود برقم (٤٨٨١) .
(٥٦) في ت، م: "جبريل".
(٥٧) سنن أبي داود برقم (٤٨٧٨) ، والمسند (٣/٢٢٤) .
(٥٨) في ت: "وروى".
(٥٩) زيادة من ت.
(٦٠) في ت: "ما".
(٦١) في ت، م: "جبريل".
(٦٢) في أ: "فقال".
(٦٣) عند الآية الأولى.
(٦٤) مسند الطيالسي برقم (٢١٠٧) .
(٦٥) في ت، م: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(٦٦) في ت: "أن تموتا".
(٦٧) المسند (٥/٤٣١) ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت برقم (١٧١) من طريق يزيد بن هارون عن سليمان التيمي به.
(٦٨) المسند (٥/٤٣١) .
(٦٩) في ت: "وروى الحافظ أبو يعلى بمسنده".
(٧٠) في ت، م، أ: "والعصا".
(٧١) في ت: "من عرض أخيكما".
(٧٢) مسند أبي يعلى (٦/٥٢٤) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٨/٢٢٧) من طريق عمرو بن الضحاك به؛ ورواه أبو داود في السنن برقم (٤٤٢٩) من طريق الضحاك به.
(٧٣) زيادة من ت.
(٧٤) في ت، أ: "الناس".
(٧٥) المسند (٣/٣٥١) قال الهيثمي في المجمع (٨/٩١) : "رجاله ثقات".
(٧٦) في م: "ريح شديدة منتنة".
(٧٧) المنتخب برقم (١٠٢٦) .
(٧٨) في م: "يكلماه".
(٧٩) زيادة من ت.
(٨٠) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور (٧/٥٧٠) .
(٨١) المختارة برقم (١٦٩٧) .
(٨٢) في ت: "وروى".
(٨٣) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٤٩٦١) "مجمع البحرين" من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق به، وقال: لم يروه عن ابن إسحاق إلا محمد بن سلمة وقد وقع هنا "محمد بن مسلم" وأظنه تصحيفا، لكني لا أستطيع الجزم بذلك قال الهيثمي في المجمع (٨/٩٢) : "فيه ابن إسحاق وهو مدلس ومن لم أعرفه".
(٨٤) في م: "يرجع".
(٨٥) في ت: "لو".
(٨٦) في ت: "لتكون".
(٨٧) في ت: "روى".
(٨٨) في ت: "أن".
(٨٩) في أ "بغيبة".
(٩٠) المسند (٣/٤٤١) وسنن أبي داود برقم (٤٨٨٣) .
(٩١) في ت: "وروى".
(٩٢) في ت: "أن".
(٩٣) في أ: "عرضه".
(٩٤) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٤) .

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق