المتابعون

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 نوفمبر 2012

الإسلام وخرافة السيف


الإسلام وخرافة السيف
سيفاجأ القارىء لهذه السطور بحقائق قد تكون جديدة عليه ، ولكنى سأردد أولاً ما قاله المفكر المسيحى البريطانى توماس كارليل قبل أن أسترسل فى الحديث إليكم ,,

“أرى أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة حسبما تقتضيه الحال ... ألم تروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً ، وحسبكم ما فعله شارلمان بقبائل الساكسون ... أنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف أم باللسان أم بأية طريقة أخرى ... فلندع الحقائق تنشر سلطانها بالخطابة أو بالصحافة أو بالنار ... لندعها تكافح وتجاهد بأيديها وأرجلها وأظافرها فإنها لن تنهزم أبداً ... ولن يُهزم منها إلا ما يستحق الفناء ... ”

بداية ذى بدء :

هل الإسلام دين سلام أم حرب ؟

وهل السيف وسيلته الوحيدة أم هناك وسائل أخرى تقوم على الإقناع والحب؟


سؤالين بنفس المعنى ,
هل الإسلام دين سلام أم دين حرب؟

السلام والإسلام مشتقتان من كلمة واحدة

السلام اسم من أسماء الله الحسنى –

يتقربون إلى الله بهذا الاسم فى الصلاة وفى الدعاء– نسمى به أولادنا

أول مانستقبل به الحياة الدنوية بعد التفرغ من لقاء الله – السلام - واستقبال الحياة الدنيا

وإذا كان السلام على الأرض هو أغلى ما يحرص عليه إنسان ، فإن السلام فى الآخرة له وزن كبير عند الله وعند المسلم ... لذلك أطلق الله – جل وعلا – على الجنة “دار السلام”

وكذلك تحية الله لأهل الجنة “سلام” وكذلك تستقبل الملائكة أهل الجنة الفائزين “بالسلام”

مقدمة جميلة جداً تجعلنا نطرح السؤال التالى:

فإذا كان الإسلام ضد الحرب ، فلماذا حارب النبى محمد؟

نعم الإسلام ضد الحرب .. ولكن حين تفرض عليك هذه الحرب فلا مناص من المواجهة ولا مفر من القضاء على قوى الطغيان والشر، وهذا مافعله عيسى عليه السلام أيضاً فعلى الرغم من أنه قال:
“ لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.

43 أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ” (متى 5: 39 – 44)

فعلى الرغم من هذا السلام الذى يعلمه أتباعه إلا أنه عندما أحس بتآمر اليهود وقوى الشر عليه قال: “لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً.” (لوقا 22: 36)

هذا كان تصرفه وهو لم تستمر حياته كنبى غير ثلاث سنوات. فما بالكم لو كانت استمرت فترة نبوته أكثر من ذلك؟

كان من المؤكد أنه سيخوض حروب ضارية للقضاء على قوى الشر فى هذا العالم كما فعل أنبياء بنى إسرائيل من قبله. لأن الفطرة السوية لأى إنسان تكره إراقة الدماء … ولكن الأسوياء من لدن آدم إلى اليوم قلة … فالخير والشر وجِدا مع أول إنسان عرفته هذه الأرض …
ألم يقتل قابيل أخاه من أجل امرأة؟ ومتى؟ حين كان عدد أفراد البشرية فى مهدها الأول لا يزيد عن عدد أفراد أسرة واحدة؟

وسيظل الصراع بين الخير والشر ما بقيت الأرض.

لقد سجل المؤرخ والفيلسوف الأمريكى “ول ديورانت” عدد سنوات الحرب التى خاضتها البشرية فوق هذه الأرض فوجدها 3421 عاماً. بينما لم تزد سنوات السلام والهدنة عن 268 عاماً.

أرأيتم إلى أى مدى بلغت قوة الشر؟ إنها لكارثة أن تمضى الحياة على هذا النحو ..

ولنرجع إلى سؤالنا:
لماذا حارب النبى محمد؟

ويجيب عن هذا السؤال رجل مسيحى مؤمن هو “توماس كارليل”:

كانت نية هذا النبى قبل عام 622 م أن ينشر دينه بالحكمة والموعظة الحسنة وقد بذل فى سبيل ذلك كل جهد ، ولكنه وجد الظالمين لم يكتفوا برفض رسالته ودعوته ، بل عمدوا إلى إسكاته بشتى الطرق من تهديد ووعيد واضطهاد حتى لا ينشر دعوته.

وهذا ما دفعه إلى الدفاع عن نفسه والدفاع عن دعوته وكأن لسان حاله يقول: أما وقد أبت قريش إلا الحرب فلتنظر إذن أى قوم نحن ...

واستطرد قائلاً يرد على القائلين بأن هذا النبى نشر الإسلام بالسيف فيقول: “أرى أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة حسبما تقتضيه الحال ... ألم تروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً ، وحسبكم ما فعله شارلمان بقبائل الساكسون ... أنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف أم باللسان أم بأية طريقة أخرى ... فلندع الحقائق تنشر سلطانها بالخطابة أو بالصحافة أو بالنار ... لندعها تكافح وتجاهد بأيديها وأرجلها وأظافرها فإنها لن تنهزم أبداً ... ولن يُهزم منها إلا ما يستحق الفناء ... ”.

ولنسأل السؤال بصورة أخرى:
لقد حارب محمد أعداءه وقاوم من حاربوه وأعلنوا عليه الحرب. ولكن لماذا حارب المسلمون خارج ديارهم فى بلاد أخرى ، فقد اشتبكوا مع الفرس والروم فى معارك كبرى .. أليس ذلك دليل على اتهام الإسلام بالميل إلى العنف ، والاعتماد فى دعوته على السيف؟

نفهم من هذا السؤال أن السائل لا يفهم أن دعوة الإسلام دعوة عالمية منذ يومها الأول .. ولم تكن كدعوة الأنبياء السابقين أو دعوة عيسى عليهم جميعا السلام. فقد أمر عيسى عليه السلام حوارييه قائلاً :
“لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ”. (متى 15 : 24)

“إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.” (متى 10 : 5 – 6)

24ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ وَدَخَلَ بَيْتاً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ 25لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أُمَمِيَّةً وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً - فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». (مرقس 7 : 24 – 27)


أما الإسلام فدعوته عالمية، فقد قال الله تعالى:
( وما أرسلناك إلا كافة بشيراً ونذيراً ) (س سبأ 28) ، وكذلك: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (س الأنبياء 107)

فالقول بخروج الروم أو الفرس أو غيرهم من نطاق هذه الدعوة يتعارض مع الحكمة الإلاهية فى إرسال نبيه ولا يتفق كذلك مع المعنى الواسع لرحمة الله التى تشمل جميع المخلوقات.

وهنا يطرح نفسه سؤال آخر:
ألم يكن من الأليق عرض هذه الدعوة بالتفاهم بدلاً من اللجوء إلى القتال والحرب؟

هذا ما حدث بالفعل ، فقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم دعاة على أعلى درجة من الفهم وانضج والإلتزام بأقصى درجات الصدق والأمانة فى النقل

كان من أهم هؤلاء السفراء “عبد الله بن حذافة السهمى” سفير النبى إلى كسرى ملك الفرس، لقد كتب النبى إلى كسرى يقول له : “من محمد بن رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس ... سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله . وأدعوك بدعاية الله عز وجل. فإنى رسول الله إلى الناس كلهم لأنذر

من كان حياً ويحق القول على الكافرين..أسلم. تسلم. فإن توليت فإنما عليك إثم المجوس..”

لقد جُنَّ جنون كسرى بعد قراءة هذه الرسالة. ثم مزقها .. وكتب إلى أمير اليمن التى كانت خاضعة له آنذاك قائلاً : “بلغنى أن رجلاً من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبى .. فسر إليه فاستتبه فإن تاب وإلا فابعث إلى برأسه .. ثم ختم رسالته بقوله: أيكتب إلى هذا وهو عبدى”

وبالتالى أرسل أمير اليمن فارسين إلى النبى ومعهما كتاب كسرى فقدما إليه وقالا له: شاهنشاه بعث إلى الملك بازان يأمره أن يبعث إليك من يأتى بك .. فإن أبيت .. هلكت .. وأهلكت قومك .. وخسرت بلادك ..

إذن لقد أعلن ملك الفرس الحرب؟ وقد تعلم أى قوم نحن !!

أما بانسبة لقيصر فقد أرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم “دحية الكلبى” وقد كان أحكم من كسرى ملك الفرس لأنه كان عنده علم من الكتاب من النبوءات الكثيرة التى وردت فى التوراة والإنجيل تبشر بقرب ظهور النبى محمد عليه الصلاة والسلام.

تحدثنا الروايات إن قيصر عندما تسلم رسالة النبى صلى الله عليه وسلم بحث عن رجال من أهل مكة ليسألهم عن صاحب هذه الرسالة ، فلم يجد غير أبى سفيان – العدو الأكبر للنبى فى هذا الوقت – وجماعة معه.

فأمر قيصر أن يدنوا منه أكثرهم نسبا للرسول (وهو أبو سفيان) وأمر أن يجلس أصحاب أبى سفيان وراء ظهره. وقال لترجمانه: قل لأصحابه: إنى سائل هذا عن هذا الرجل (يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فإن كذبن فكذبوه ..

واضطر أبو سفيان يومئذ لقول أن يصدقه حياءً أن يؤثر عنه الكذب – كما قال هو .. وكان رد قيصر حين انتهى من كل ما أراد أن يعرفه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن قال :

قلت لى: أنه ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث فى أنساب قومها.

وقلت لى: أن أحداً قبله لم يزعم ما قاله فلوكان أحد قال هذا القول قبله لقلت: رجل يتأسى بقول قيل قبله.

قلت لى: إنكم لم تتهموه مرة بالكذب. فعرفت أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.

قلت لى: لم يكن من آبائه ملك أو سلطان. وإلا لقلت إنه رجل يطلب ملك أبيه.

قلت لى: إن ضعفاءَكم هم الذين اتبعوه وكذلك الضعفاء هم أتباع الرسل.

قلت لى: إن عدد أتباعه يزيدون. أقول لكم وكذلك الإيمان حتى يتم .

قلت لى: إنه لا يرتد أحد اتبعه ويرجع إلى دينه القديم. أقول لك وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.

قلت لى: أن حربه وحربكم تكون دولاً. أقول لكم وكذلك الرسل تُبتلى ، ثم تكون لها العاقبة.

قلت لى: أنه يأمركم أن تعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصدق والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صفات نبى قد كنت

أعلم أنه خارج.

ولكن لم أظن أنه منكم .. وإن يكن حقاً ما قلت فيوشك هذا الرجل أن يملك موضع قدمى هاتين ..

والله لو أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاؤه .. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر فقرىء ، فإذا به:

بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى .. أما بعد ..

فإنى أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فعليك إثم الأريسيين

(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) (آل عمران: 64)

لقد دعا قيصرعظماء مملكته وبطارقته للاجيماع به، ثم أمر بأبواب القصر الذى اجتمعوا فيه فغلقت أبوابه ثم وقف بينهم وقال:

يامعشر الروم .. هل لكم فى الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم ..وتبايعون هذا النبى؟

فنفروا وبادروا إلى الأبوب، فوجدوها قد غلِّقت. فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال: ردوهم عنى وقال: إنى قلت مقالتى آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم. فقد رأيت. فسجدوا له ورضوا عنه.

لقد أصرت حاشية الملك من الوزراء والبطارقة على الرفض وإعلان الحرب، فبدأوا يحرضون القبائل العربية فى العراق والشام على حرب المسلمين والنبى وعلم المسلمون بإصرار الروم على الحرب، فبدءوا يستعدون لهذا اليوم. غير أن الفتن الداخلية شغلت كسرى وهرقل عن الهجوم لفترة من الوقت.

يقول كتاب العلامة جيبون فى كتابه: (قيام وسقوط الامبراطورية الرومانية): كان الواقع فى هذه الامبراطوريات أليماً ومراً .. لم يكن هناك أمل فى أى شىء ولم تكن هناك عدالة أو مساواة .. كانت الحرب بين المسيحيين واليهود سجالاً ، والمذابح بين الطائفتين فضيحة وعاراً كان الظلم والتفرقة هى السمة المميزة لنظام الحكم، والقائمين على هذا الحكم. لقد تحول الملوك إلى آلهة. كما تحول رجال الدين إلى عصابات مرتزقة وإلى سفاحين وقتلة. كما تحول الفسق والدعارة إلى طقوس مقدسة. حتى أن رجال الدين قد نصَّبوا الغانية “ديبورا” امبراطورة.

وقد بلغ الانحلال الاجتماعى غايته فى الدولة الرومانية والشرقية ، وازدادت الأتاوات على كثرة مصائب الرعية، وتضاعفت الضرائب، وذابت أسس الفضيلة، وانهارت دعائم الأخلاق، حتى صار الناس يفضلون العزوبة على الحياة الزوجية ليقضوا مآربهم فى حرية، وكان العدل يباع ويساوم مثل السلع ، حتى أصبح أهل البلاد يتذمرون من الحكومات، ويمقتونها مقتاً شديداً، وقد حدث لذلك اضطرابات عظيمة وثورات ، فقد هلك فى الضطراب الذى وقع عام 532 م 30000 ثلاثون ألف شخص فى العاصمة.

أمثلة لذلك:

أظهر قسطنطين خُلُقاً وحشيةً جداً ، وهذا يتضح على سبيل المثال من سماحه للأهل ببيع أولادهم على الأقل في الأوقات الحرجة.

أما من يقتل أباه فيحبس في جوال مليء بالثعابين تتم خياطــته

ثم إنه اقترف في عام 326 - أي بعد عام واحد من إنعقاد مجمع نيقية - سلسلة من جرائم قتل أقرباءه ، فلم يكتف بقتل حماه ماكسيميان وزوج أخته

باسيانوس بل قتل أيضاً أبناءه لوســيانوس وكريسبوس ، حتى زوجته فاوستا لم تسلم من يديه فقد قام بإغراقها في ميــاه تغلي

ولك أن تعرف أن قسطنطين قد أقسم أن يبقى ماكسنتيوس حياً وبعد انتصاره عليه أمر قسطنطين بخنقه هو وأتباعه المقربين وكان ذلك قبل إنعقاد

المجمع بســنة .

ب ) أمّا تيودوســيوس الأول ( الأكبر ) لم يكن متســامحاً إلى أكبر درجة ، إلا أنه أصبح بعد ذلك النموذج الحي لجوســتنيان الأكــبر أو قــل أيضاً لمحاكم التفتيــش ، ويتضــح هذا من أمره الصــريح الحازم لكل رعاياه بإعتناق عقائد مجمع نيقية. فقد حرم كل الأديان الأخرى وهدد أن التمسك بتعاليم أخرى سيؤدى إلى عقوبات صارمة ، أرحمها عقوبة الموت ، فكان يعاقب أنصار ماني فقط من أجل أنهم أنصاره.

وقد اســتعمل الســلاح في تنفــيذ هذا الأمر الذي يقضي بعدم ممارسة أية طقوس أخرى ( شتاين 305 ) ، وتحكي كتب التاريخ عنه إجمالياً أنه كان متوحشاً [ لا يرحم ] مع أصحاب العقائد الأخرى ( إنظر سيكلوم الثاني صفحة 166 ) ، ويتضح كذلك بعده عن الروح القدس في تعذيبه لفقراء الشعب عند جمعه للضرائب حيث فرض على الشعب أعباء لا يمكن تحملها وحصل عليها بأشد الوسائل وحشية وتعسفاً ، ومن أكثر الصور تعبيراً عن قسوة طباع هذا الحاكم على المسيحيين هو إصداره لقرارات يمنع فيها إيواء الفقراء المشردين ، وفرض على ذلك عقوبة صارمة لمن يقوم بإخفائهم من تعذيب جامعي الضرائب(شتاين صفحة 303) !

ويقول شتاين ( صفحة 297 ) إن تيودوسيوس الكبير إقترف مظالم كثيرة ، فقد قام بعمل مذبحة دموية مريعة في سَــــالونيك عام 390 ، حيث قتل فيها 7000 فرد من المدينة دفعة واحدة .

حدد جوستنيان الأول بقوانينه ( ! ) ليس فقط قوعد العقيدة [ المســيحية ] التي تبدو لنا اليوم مســتحيلة تماماً ولكنه اشتهر في المرتبة الأولى أيضاً بقوانين الرِدّة التي أراد بها أن يقتلع كل ما هو غير كاثوليكي ، حيث حدد في أحد هذه القوانين وضع المرتد ، فعلى سبيل المثال :

يحرم المرتدون من كل الحقوق السياسية ، ولا يسمح لهم بها حتى في منازلهم ، فلم يكن لهم بصورة عملية أية حقوق ، هذا إذا لم يحكم عليهم بالإعدام ، كذلك يحرم المرتدون من حق الوراثة ولا يسمح لهم أيضاً بوراثة شيء خُوِّلَ لهم ، وبالطبع لم يضطهد المرتدون فقط بل أيضاً كل من يدين بديانة مخالفة ، لذلك حدث إضطهاد كبير لليهود في عصره فقد أجبر جماعات من اليهود على التعميد كما اتخذ إجراءات تعسفية ضد معتنقي الديانة الرومانية واليونانية وأيضاً ضد الفلاسفة الملحدين ، كما كان هناك عدد غفير من الموظفين الذين لم يكن لديهم إلا التجسس وتتبع مخالفي عقيدة القيصر وإذا ما تم إصطيادهم فيتم تسليمهم للكنيسة ليتعلموا المباديء المسيحية ثم يعمدوا ، وإذا مارفضوا ذلك يتم طردهم من كل طائفة أي يتم حرمانهم من حمياة القانون ( راجع عن الكل ألفيزاتوس ،
Parism ) .

ولم يكن اليهود أرحم منهم فقد بلغ الخلاف بينهما أشده وتجدد فى أوائل القرن السابع ففى السنة الأخيرة من حكم فوكاس 610 م أوقع اليهود بالمسيحيين فى أنطاكية، فأرسل الامبراطور قائده أبنوسوس ليقضى على ثورتهم، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة، فقتل الناس جميعاً، قتلاً بالسيف وشنقاً وإغراقاً وتعذيباً ورمياً للوحوش الكاسرة.

كذلك لم يكن اليهود أقل ضراوة وشراسة من النصارى. فقد قال المقريزى فى كتاب الخطط: “وفى أيام فوقا ملك الروم، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر فى طلبهم، وقتلوا منهم أمة كبيرة، وسبوا منهم سبياً لا حصر لهم، وساعدهم اليهود فى محاربة النصارى وتخريب كنائسهم. كذلك أحرقوا كنائسهم وخربوا لهم كنيستين بالقدس، وأحرقوا أماكنهم، وأسروا بطرك القدس وكثيراً من أصحابه.

وبعد فتح الفرس لمصر ثار اليهود فى أثناء ذلك بمدينة صور وكانت بينهم وبين النصارى حرب اجتمع فيها نحو 20000 وهدموا كنائس النصارى خارج صور، فقوى النصارى عليهم فانهزم اليهود هزيمة قبيحة وقتل منهم كثير.

وكان هرقل قد ملك فى هذا الوقت وانتصر على كسرى ثم صار قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر، فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها، وقدموا له الهدايا الجليلة وطلبوا منه أن يؤمنهم ويحلف لهم على ذلك فأمنهم وحلف لهم. وعندما دخل القدس تلقاه النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشتعلة، فوجد المدينة وكنائسها خراباً، فساءه ذلك وأفتاه رهبانهم وبطاركتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه فى قتله وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة فى كل سنة عنه على مر الزمان. فمال إلى قولهم وأوقع باليهود وقيعة شنعاء أبادهم جميعهم فيها، حتى لم يبق فى ممالك الروم بمصر والشام منهم إلا من فرَّ واختفى.

وبهذه الرواية يعلم ما وصل إليه اليهود والنصارى من القسوة والاستهانة بحياة الإنسان. فهل يمكن لطائفة منهم أن تؤدى الحق والعدل والسلام ، وتسعد البشرية تحت حكمها؟ لا.

فى القرن الخامس الميلادى أغرى (برصوما) - أسقف نسطورى – ملك الفرس بتدبير اضطهاد عنيف للكنيسة الأرثوذكسية ويقال: إن عدداً يبلغ 7800 من رجال الكنيسة الأرثوذكسية مع عدد ضخم من العلمانيين قد ذبحوا بناء على وصية هذا الأسقف .. وتمت محاولة أخرى أعدم فيها الألوف من أبناء هذه الطائفة أيضاً بتحريض أحد اليعاقبة الذى أقنع ملك الفرس بتنفيذ هذه المذبحة.

أما فى مصر فقد قتل أيضاً حوالى 000 100 مائة ألف مصرى لرفضهم اعتناق مذهب الدولة الرومانية التى حاولت فرضه على مسيحيى مصر.

وكان على رأس هؤلاء المعذبين أخو بنيامين الذى جردوه من ملابسه ثم أضجعوه على لوح من المعدن الرقيق وأوقدوا الشموع تحته حتى ذاب شحم جسمه ثم قذفوه بعد ذلك فى المياه المالحة إمعانا فى العذاب.

وفى كتاب من تأليف المطران برتولومي دي لاس كازاس. ترجمة سميرة عزمي الزين. من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية يقول : ولد ( برتولومي دي لاس كازاس ) عام 1474 م في قشتالة الأسبانية , من أسرة اشتهرت بالتجارة البحرية. وكان والده قد رافق كولومبوس في رحلته الثانية إلى العالم الجديد عام 1493 م أي في السنة التالية لسقوط غرناطة وسقوط الأقنعة عن وجوه الملوك الأسبان والكنيسة الغربية. كذلك فقد عاد أبوه مع كولومبوس بصحبة عبد هندي فتعرف برتولومي على هذا العبد القادم من بلاد الهند الجديدة. بذلك بدأت قصته مع بلاد الهند وأهلها وهو ما يزال صبيا في قشتاله يشاهد ما يرتكبه الأسبان من فضائع بالمسلمين وما يريقونه من دمهم وإنسانيتهم في العالم الجديد.

كانوا يسمون المجازر عقابا وتأديبا لبسط الهيبة وترويع الناس, كانت سياسة الاجتياح المسيحي : أول ما يفعلونه عندما يدخلون قرية أو مدينة هو ارتكاب مجزرة مخيفة فيها.. مجزرة ترتجف منها أوصال هذه النعاج المرهفة).

وإنه كثيرا ما كان يصف لك القاتل والمبشر في مشهد واحد فلا تعرف مما تحزن: أمن مشهد القاتل وهو يذبح ضحيته أو يحرقها أو يطعمها للكلاب , أم من مشهد المبشر الذي تراه خائفا من أن تلفظ الضحية أنفاسها قبل أن يتكرم عليها بالعماد ، فيركض إليها لاهثا يجرجر أذيال جبته وغلاظته وثقل دمه لينصرها بعد أن نضج جسدها بالنار أو اغتسلت بدمها , أو التهمت الكلاب نصف أحشائها.

إن العقل الجسور والخيال الجموح ليعجزان عن الفهم والإحاطة , فإبادة عشرات الملايين من البشر في فترة لا تتجاوز الخمسين سنة هول لم تأت به كوارث الطبيعة. ثم إن كوارث الطبيعة تقتل بطريقة واحدة . أما المسيحيون الأسبان فكانوا يتفننون ويبتدعون ويتسلون بعذاب البشر وقتلهم . كانوا يجرون الرضيع من بين يدي أمه ويلوحون به في الهواء, ثم يخبطون رأسه بالصخر أو بجذوع الشجر , أو يقذفون به إلى أبعد ما يستطيعون. وإذا جاعت كلابهم قطعوا لها أطراف أول طفل هندي يلقونه , ورموه إلى أشداقها ثم أتبعوها بباقي الجسد. وكانوا يقتلون الطفل ويشوونه من أجل أن يأكلوا لحم كفيه وقدميه قائلين : أنها أشهى لحم الإنسان.

رأى لاس كازاس كل ذلك بعينيه , وأرسل الرسائل المتعددة إلى ملك أسبانيا يستعطفه ويسترحمه ويطالبه بوقف عذاب هؤلاء البشر. وكانت آذان الملك الأسباني لا تسمع إلا رنين الذهب. ولماذا يشفق الملك على بشر تفصله عنهم آلاف الأميال من بحر الظلمات ما دامت جرائم عسكره ورهبانه في داخل أسبانيا لا تقل فظاعة عن جرائم عسكره ورهبانه في العالم الجديد؟ كان الأسبان باسم الدين المسيحي الذي يبرأ منه المسيح عليه السلام , يسفكون دم الأندلسيين المسلمين الذين ألقوا سلاحهم وتجردوا من وسائل الدفاع عن حياتهم وحرماتهم. وكان تنكيلهم بهم لا يقل وحشية عن تنكيلهم بهنود العالم الجديد. لقد ظلوا يسومون المسلمين أنواع العذاب والتنكيل والقهر والفتك طوال مائة سنة فلم يبق من الملايين الثلاثة الثلاثين (حسبما ذكر الكتاب) مسلم واحد , كما ساموا الهنود تعذيبا وفتكا واستأصلوهم من الوجود. كانت محاكم التفتيش التي تطارد المسلمين وتفتك بهم , ورجال التبشير الذين يطاردون الهنود ويفتكون بهم من طينة واحدة.

إن أحدا لا يعلم كم عدد الهنود الذين أبادهم الأسبان المسيحيين , ثمة من يقول انه مائتا مليون, ومنهم من يقول انهم أكثر . أما لاس كازاس فيعتقد أنهم مليار من البشر , ومهما كان الرقم فقد كانت تنبض بحياتهم قارة أكبر من أوروبا بسبعة عشر مرة , وها قد صاروا الآن أثرا بعد عين.

أما المسيحيون فقد عاقبوا المسلمين من الهنود بمذابح لم تعرف في تاريخ الشعوب. كانوا يدخلون على القرى فلا يتركون طفلا أو حاملا أو امرأة تلد إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف في الحظيرة. وكانوا يراهنون على من يشق رجلا بطعنة سكين , أو يقطع رأسه أو يدلق أحشاءه بضربة سيف.

كانوا ينتزعون الرضع من أمهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويرطمون رؤوسهم بالصخور . أو يلقون بهم في الأنهار ضاحكين ساخرين. وحين يسقط في الماء يقولون: (عجبا انه يختلج). كانوا يسفدون الطفل وأمه بالسيف وينصبون مشانق طويلة ، ينظمونها مجموعة مجموعة , كل مجموعة ثلاث عشر مشنوقا , ثم يشعلون النار ويحرقونهم أحياء . وهناك من كان يربط الأجساد بالقش اليابس ويشعل فيها النار.

كانت فنون التعذيب لديهم أنواعا متنوعة. بعضهم كان يلتقط الأحياء فيقطع أيديهم قطعا ناقصا لتبدو كأنها معلقة بأجسادهم, ثم يقول لهم : (هيا احملوا الرسائل) أي : هيا أذيعوا الخبر بين أولئك الذين هربوا إلى الغابات. أما أسياد الهنود ونبلاؤهم فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان يضعون فوقها المذراة, ثم يربط هؤلاء المساكين بها, وتوقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتضروا ببطء وسط العذاب والألم والأنين.

ولقد شاهدت مرة أربعة من هؤلاء الأسياد فوق المشواة. وبما أنهم يصرخون صراخا شديدا أزعج مفوض الشرطة الأسبانية الذي كان نائما ( أعرف اسمه , بل أعرف أسرته في قشتاله) فقد وضعوا في حلوقهم قطعا من الخشب أخرستهم , ثم أضرموا النار الهادئة تحتهم.

رأيت ذلك بنفسي , ورأيت فظائع ارتكبها المسيحيون أبشع منها. أما الذين هربوا إلى الغابات وذرى الجبال بعيدا عن هذه الوحوش الضارية فقد روض لهم المسيحيون كلابا سلوقية شرسة لحقت بهم, وكانت كلما رأت واحدا منهم انقضت عليه ومزقته وافترسته كما تفترس الخنزير. وحين كان الهنود يقتلون مسيحيا دفاعا عن أنفسهم كان المسيحيون يبيدون مائة منهم لأنهم يعتقدون أن حياة المسيحي بحياة مائة هندي أحمر.

في كتابه (على خطى الصليبيين) يقول مؤلفه الفرنسي (جان كلود جويبو).. تحت ضغط الحجاج قرر (رايموند دي سال - جيل) بدءً من 23 نوفمبر محاصرة معرة النعمان - بسوريا - كان الحصار طويلاً صعباً لكن الصليبيين أفلحوا في الاستيلاء على المدينة وذبحوا سكانها..

وفي هذا يقول ابن الأثير: خلال ثلاثة أيام أعملت الفرنجة السيف في المسلمين فقتلت أكثر من مائة ألف شخص ، كانت تطرح جثثهم فى الخنادق بعد أن مثلوا بها ، والتهموا جزءاً منها بشراهة هذا بالإضافة إلى أعداد الأسرى ..

وكتب المؤرخ (راوول دين كاين): عمل جماعتنا على سلق الوثنيين ـ يقصد المسلمين ـ البالغين في الطناجر، وثبتوا الأطفال على الأسياخ والتهموها مشوية ويكتب المؤرخ (البيرديكس): لم تتورع جماعتنا عن أن تأكل الأتراك والمسلمين فحسب وإنما الكلاب أيضاً..

ويكتب (الانويم): بعضهم الآخر قطع لحم الجثث قطعاً وطبخها كي يأكلها..

ويصف ابن الأثير في الكامل الاستيلاء على القدس: ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل الفرنج في المسجد الأقصى ما يزيد على السبعين الفاً منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف، ثم بدأ النهب والسلب..

ويذكر الكثيرون ماذا فعل ريتشارد قلب الاسد في الحملة الصليبية الثالثة عند احتلاله لعكا بأسرى المسلمين فقد ذبح 2700 أسير من أسرى المسلمين الذين كانوا في حامية عكا و قد لقيت زوجات وأطفال الأسرى مصرعهم إلى جوارهم.

أما بانسبة لليهود فينعتهم الأب بريساك بقوله: إن الخيانة تعنى اليهود ، وينتقد البابا بيوس الحادى عشر لأنه قال: إننا ساميون من الناحية الروحية. وينعتهم بالأوصاف الآتية: جنس محتقر، كريه ، وقح، حسود ، ناشر أمراض ، بلا شرف ، مهمل ، بغيض ، خسيس ، قذر ، بخيل ، عنيد ، ملعون ، مشاكس ، جحود ، جشع ، غير كريم ، شديد العداوة ، لا تقى فيه. فهل هذا يدل على أن النصارى كانوا حملة ألوية السلام مع اليهود؟ وهل يعنى هذا أن يهودياً عاش فى ظل حكمهم فى سلام؟ لا.

ومن ذلك ما قاله أيضا فيكتور هيجو فى يهودى تنصر على يد البابا ثم عهدوا إليه مرافقة الدوقة دوبيرى لحمايتها فى السفر ، فباعها بخمسة آلاف فرنك ...! فياترى مذا باع اليهودى؟ إنه باع الإيمان والقسم! إنه باع الشرف!

كما قال الفيلسوف الفرنسى بوسويه: “أيها الشعب الملعون ، هذا الدم سيتعقبكم إلى آخر وليد لكم”.

وقد نعتهم البابا بولس الرابع : من أنهم شعب خلق للاستعباد ، وأنهم شعب فى غاية السخف ، وهو لذى أمر بأن يحبس يهود روما فى حواريهم ، أى أنه أنشأ “الجيتو” الرومانى.

ناهيك عما كان يقوم به المسيحيون أنفسهم فى أعيادهم فقد اتخذوا عملية تعذيب اليهود للهو ، ففى مدينة بيزييه فى جنوب فرنسا كان الجمهور فى “أحد السعف” يتسلى بمطاردة اليهود ورميهم بالأحجار انتقاماً للمسيح.

وفى تولوز جرت العادة على أن يُستدعَى رئيس اليهود إلى بيت الحاكم يوم “أحد الفصح” حيث يتلقى أمام أعين الناس صفعة عنيفة انتقاماً للمسيح ، وقد تعمد أحد الفرسان مرة أن يصفع اليهودى بيده مرتدياً قفازاً من الحديد ، فتناثر على أثرها مخه!!!

وفى روما كانوا يرغمون اليهود على الرقص عرايا فى مهرجان الفصح أمام أعين الناس أجمعين والسياط تلهب ظهورهم إذا تراخوا فى الرقص.

وكان أحد الباباوات يأمر بوضعهم فى براميل يبرز من جدرانها المسامير إلى الداخل ، ثم تُدَحرَج البراميل من أعلى تل “تستشيانو”.

أما فى أسبانيا والبرتغال فكانوا يحرقونهم أحياء ، وآخر يهودى حرِقَ كان سنة 1825.

وفى جنوة كانوا يحبسون فى أقفاص حديدية ويحرمون الطعام والماء إلى أن يقبلوا الصليب ، وقد مات الكثيرون منهم دون أن يفعلوا ذلك.

وسلسلة اضطهاد اليهود سلسلة لم تتوقف إلا عندما اتفقا سويا على عدو جديد وهو الإسلام بعد أن أصبح لليهود القوة الأكبر مادياً وحربيا وصحافياً:

537 م أصدر جستنيان مرسوم بحرمان اليهود من الحقوق المدنية وحرية العبادة .

613 م أصدر ملك القوط الغربيين يجبر اليهودفى إسبانيا على اعتناق المسيحية .

629 م اجبار اليهود على التعميد ، وطردهم من فرنسا تحت حكم الملك داجوبرت .

694 م تحويل جميع اليهود فى إسبانيا وبروفانس إلى عبيد .

1096 م مذابح للطوائف اليهودية فى أوروبا ، ابان الحملة الصليبية الأولى .

1099 م طرد اليهود المقيمين فى أورشليم بعد سقوطها فى يد الصليبيين .

1113 م أول مذبحة لليهود فى كييف بروسيا .

1182 – 1198 م طرد اليهود من فرنسا على عهد فيليب الثانى (أوغسطس) .

1189 م مذبحة لليهود فى انجلترا ، ابان الحملة الصليبية الثالثة .

1254 م طرد اليهود من فرنسا فى عهد القديس لويس (التاسع) .

1290 م طرد اليهود من انجلترا .

1330 – 1338 م انتشار الطاعون يؤدى إلى مذابح لليهود ، اعتقاداً منهم بأنهم سبب وباء .

1394 م الطرد الأخير لليهود من فرنسا على عهد شارل السادس .

1421 م طرد اليهود من فيينا .

1481 م محاكم التفتيش .

1492 م طرد اليهود من إسبانيا .

1495 م طرد اليهود من لتوانيا .

1498 م طرد اليهود من البرتغال .

1516 م بناء أول جيتو فى فينيسيا .

1553 م البابا يحرق التلمود فى روما .

1563 – 1656 م مذابح لليهود فى أوكرانيا ، وألمانيا ، وبولندا ، والنمسا .

1670 م طرد اليهود من فيينا .

1740 م طرد اليهود من براغ .

1768 م مذابح لليهود غى أوكرانيا .

1827 م يأمر القيصر نيقولا الأول بتحويل أطفال اليهود اجبارياً للمسيحية .

1891 م طرد اليهود من موسكو .

1936 – 1940 م سن تشريعات معاداة السامية فى رومانيا وايطاليا والنمسا .

1939 – 1945 م مذابح اليهود (المزعومة) ابان الحرب العالمية الثانية .

ولكن لماذا طرد محمد عليه الصلاة والسلام اليهود من مكة ؟ أليس هذا أيضاً من قبيل الإضطهاد الدينى؟

جميل أنك قلت طرد اليهود! لقد حدث هذا بالفعل. لقد طرد محمد عليه الصلاة والسلام اليهود من مكة ولم يُقِم فيهم حكم القرآن أو حكم التوراة وقتلهم بتهمة الخيانة العظمى. إن إثارة هذه القصة لفى صالح المسلمين ، فلو عُرِضَت هذه القصة فى ضوء القوانين الوضعية المعمول بها فى أى دولة ، فلسوف يكون الحكم عنيفاً وقاسياً وعاراً أيضاً: سيحكم عليهم بالخيانة العظمى. وإثبات تهمة التآمر مع الأعداء ضد الوطن ليس لها إلا الإعدام.

لقد كان اليهود جزءاً من المجتمع الإسلامى فى المدينة حيث كان يعيش هؤلاء اليهود مع المسلمين كأسرة واحدة ، وقد أعطاهم النبى كل حقوق المواطنة التى يتمتع بها أى مسلم ولم يطردهم ، ولم يحرقهم ، ولم يصادر ممتلكاتهم كما فعل باباوات الكنيسة أو ملوك وسلاطين الدول الأوروبية ، وفوق هذا كله فقد وقع النبى معهم معاهدة دفاع ومواثيق أمن مشتركة يلتزم فيها المسلمون بالدفاع عن هؤلاء اليهود إذا تعرضوا لأى خطر يتهددهم ، وبالتالى يلتزم اليهود بالدفاع عن المسلمين إذا تعرضوا لمثل هذا الخطر من غيرهم.

إلا أن اليهود قد اتصلوا سراً بأعداء الرسول وحرضوهم على قتاله ، بل قدموا لهم العون المادى فى كل صوره وأشكاله .

ونفاجأ هنا بوقف فى غاية الغرابة حين نعلم أن اليهود تنكروا لديانتهم التى تنص على الوحدانية وتدعوا لمحاربة الشرك والوثنية تماماً مثل الإسلام ، فعندما سألهم مشركو مكة عن ديانة محمد ، قالوا إن دينكم خير من دين محمد!!!
وبهذا الجواب آثر اليهود عبادة الأصنام على عبادة الله الواحد الأحد!!!
إن هذا الجواب وحده كفيل بوصفهم بأقسى درجات الخيانة والكفر!!
وبينما كان الرسول (ص) فى زيارة لهم فكر رؤساؤهم وقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه .. – يقصدون أنه بين عدد قليل من أصحابه – فهل نجد منكم رجلاً يصعد إلى ظهر هذا البيت ثم يُلقى عليه صخرة فيريحنا منه؟!
مؤامرة بشعة ديست فيها كل القيم. أين الوفاء بالعهد؟ أين إكرام الضيف؟ أين الحفاظ على الجار؟
لقد أرادوا أن يجعلموا من النبى محمد عيسى آخر .. وكما نجى الله المسيح عيسى بن مريم من محاولة الصلب ، نجَّى الله محمداً من محاولة القتل ..

وأترك التعليق هنا لرجل لا تحوم حوله شبهة ، ولا يشك أى يهودى فى إخلاصه وصدقه. إنه البروفسور اليهودى إسرائيل ولفنسون ، حيث يقول فى كتابه “تاريخ اليهود فى بلاد العرب صفحة 123: “إن الذى يؤلم كل مؤمن بإله واحد من اليهود والمسلمين على السواء ، إنما هو تلك المحادثة التى جرت بين نفر من اليهود ، وبين بنى قريش الوثنيين ، حيث فضَّلَ هؤلاء النفر من اليهود أديان قريش على دين صاحب الرسالة الإسلامية .”
إلى أن قال: “ثم إن ضرورات الحروب أباحت للأمم استعمال الحيل والأكاذيب ، والتوسل بالخدع والأضاليل للتغلب على العدو ، ولكن مع هذا كان من واجب هؤلاء اليهود ألا يتورطوا فى مثل هذا الخطأ الفاحش ، وألا يصرحوا أمام زعماء قريش ، بأن عبادة الأصنام أفضل من التوحيد الإسلامى ، ولو أدى بهم الأمر إلى عدم إجابة مطلبهم ، لأن بنى إسرائيل الذين كانوا مدة قرون حاملى راية التوحيد فى العالم بين الأمم الوثنية باسم الآباء الأقدمين ، والذين نكبوا بنكبات لا تحصى من تقتيل وطرد ومصادرة ممتلكات وتعذيب واضطهاد بسبب إيمانهم بإله واحد فى عصور شتى من الأدوار التاريخية ، كان من واجبهم أن يضحوا بحياتهم وكل عزيز لديهم فى سبيل أن يخذلوا المشركين”. وبدلا من ذلك انحازوا إلى الكفر وأساؤا إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى الغير ، وأظهروا أنفسهم فى صورة ينفر منها الصديق قبل العدو.

تحت ستار الكشوف الجغرافية تسترت أوروبا بالدين وكان هدفها تطويق العالم الإسلامى واغتصابه مع ردّ أهله إلى الكفر أو استئصال شأفتهم. إن البلاد التى زعمت أوروبا أنها قد اكتشفتها ومنها أفريقية وآسيا وغيرها ، كانت معروفة لدى الرحالة والمؤرخين والجغرافيين والتجار المسلمين قبل أوروبا بقرون طويلة ، كما أن البحَّارة والقباطنة الذين كانوا يعملون على السفن البرتغالية كانوا مسلمين ، بل إن ابن ماجد العربى النجدى كان فى مالندى حينما التقى به فاسكو دى جاما فدلَّه على طريق الهند.

إن فكرة معاداة السامية اختراع يهودى ، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالعرب ، لأنهم واليهود أبناء عمومة ، ويعتبرون وفق روايات الكتاب المقدس أمة يهودية .

ولا علاقة بين المسلمين واضطهاد اليهود وتعذيبهم ، فالثابت تاريخياً أن عصور ازدهار الطوائف اليهودية كانت دائما فى ظل الحكم الإسلامى. ولدينا فى هذا المقام شهادات وردت فى مرجع هام هو:أطلس إسرائيل الحديث الذى وضعه: البرنامج الإسرائيلى للترجمات العلمية، وطبع بمطابع جامعات إسرائيل بالقدس فى عام 1968 ، ويعتبر بهذا وثيقة إسرائيلية رسمية.

تقول هذه الوثيقة: “ سيطر المسلمون سيطرة كاملة على فلسطين كلها ما بين سنة 636 وسنة 640 عندما كانت تحت الحكم البيزنطى. ووجد المسلمون جماعات يهودية تعيش فى حالة فقر مدقع نتيجة للقيود والاضطهاد الذى مارسته الأجيال السابقة. وكانت مصادر عيشهم محدودة ، وكانوا يكتسبون عيشهم فى المدن بممارستهم للتجارة أو الاشتغال بالأعمال الحرفية. ولم يكن لهم سوى نصيب قليل فى الأدب والثقافة.

وعلى مر الزمن ، استعمل يهود فلسطين كثيراً من طرق جيرانهم بما فى ذلك لغتهم ، وأصبح يُطلق عليهم أشباه العرب أو المستعربين.

وإذا ما قورن الفاتحون العرب فى فلسطين بغيرهم من الحكام الطغاة السابقين ، جد أن العرب كانوا يعاملون الرعايا اليهود بقدر كبير من السماحة ، بل والعطف عليهم. ..

وفد حاملوا الصليب من البلاد الأوروبية المختلفة .. ثم توجهوا رأساً إلى هدفهم المقدس وهو مدينة أورشليم .. واستولوا عليها بعد اراقة كثير من الدماء. وذبِحَ فى هذه المعركة السواد الأعظم من يهود أورشليم..

وعندما أصبح للمسيحيين اليد العليا فى الموقف ، قاموا بمذابح لا رحمة فيها بين اليهود .

وقد حضر إلى فلسطين العالم اليهودى والفيلسوف الكبير ميمون بن موسى فى سنة 1165 ، ولكنه ذهب إلى مصر بسبب القلاقل التى كانت تعم البلاد فى تلك الأثناء. وفى مصر قضى أحسن سنى حياته.

إن المماليك المسلمين ، هم الذين طردوا الصليبيين فى النهاية وحلوا محلهم فى السيطرة على فلسطين. وكان المماليك يعطفون على اليهود ويحسنون معاملتهم ، وساد الرخاء بين الطائفة اليهودية فى فلسطين أيام حكمهم..

وفى أيام حكم المماليك ساد السلام والهدوء ربوع البلاد ، وكان هناك سيل لا ينقطع من الحجاج المسيحيين واليهود ..

وقد استولى المسلمون الأتراك على البلاد من المسلمين المماليك فى سنة 1517 ، وفى عهدهم استمرت الطائفة اليهودية فى النمو والإزدهار .. وفتح السلطان سليمان الكبير طبرية وقرى كثيرة أخرى بالقرب منها لاقامة اليهود واستقرارهم فيها..

وفى سنة 1831 غزا البلاد الجيش المصرى بقيادة ابراهيم باشا بن محمد على ، وفى عهده ازدهرت المدن اليهودية فى فلسطين”.

وهل قابل اليهود كل هذه السماحة والعدل بالشكر والعرفان؟ لا. لقد نشرت وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتيد بريس فى مارس 2002 : اقتراح صحفى أمريكى يدعى ريتش لورى فى مجلة ناشيونال ريفيو القائل بضرب مكة بقنبلة نووية ، وقال “ضرب مكة بقنبلة نووية سوف يرسل إشارة للمسلمين”!

وقد زعم لورى تأييد عدد كبير من الأمريكيين لضرب مكة بقنبلة نووية. وأشار إلى أن مدينتى بغداد وطهران هما الأقرب لتلقى الضربة النووية الأولى. وقال: “لو كان لدينا قنابل نظيفة تضمن حصر الدمار فى نقطة الهجوم لوضعنا غزة ورام الله على قائمة المدن أيضاً”. ووصف صحفى أمريكى ثان اسمه رود درمر فكرة تدمير مدينة مكة المكرمة بأنها جيدة”.

أما ما فعله فاسكو دى جاما فقد ضرب كالكوتا بالقنابل حينما تبين له أن أهلها كانوا مسلمين ، كما أمر بإحراق مجموعة من السفن التجارية الإسلامية كانت محملة بالأرز ، وقطع أيدى وآذان وأنوف بحَّارتها.

كما أغرق فاسكو دى جاما سفينة فى خليج عُمان تنقل الحجاج من الهند إلى مكة وعلى ظهرها مائة حاج حيث أعدمهم جميعاً.

دمَّرَ البرتغاليون فى مدينة كيلوا فى شرق أفريقية حوالى ثلاثمائة مسجداً.

خلف فاسكو دى جاما “البوكرك” وكانت أمنيته انجاز مشروعين قبل موته:

( 1 ) تحويل مياه نهر النيل إلى البحر الأحمر ليحرم مصر – أهم دولة إسلامية وقتئذ - من رى أراضيها ، وتخريب شبكة الرى التى كانت قائمة فيها آنذاك.

( 2 ) هدم المدينة المنورة فى شبه جزيرة العرب ، ونبش قبر الرسول

وتتضح أغراض البوكرك هذا من خطابه الذى ألقاه قبل هجومه الثانى على مدينة مالاقا فى شبه جزيرة الملايو سنة 1511 م حيث يقول: “الأمر الأول هو الخدمة التى سنقدمها للرب عندما نطرد المسلمين من هذه البلاد ، ونُخمِد نار الطائفة المحمدية حتى لا تعود للظهور بعد ذلك أبداً ، وأنا شديد الحماس لهذه النتيجة .. .. فإذا استطعنا تخليص مالاقا من أيديهم فستنهار القاهرة ، وستنهار بعدها مكة.

حاول ماجيلان سنة 1519 م تنصير أهل الجزر من المسلمين ، وحينما فشل فى مهمته لتمسك أهلها المسلمين بالإسلام أحرق مساكنهم ، ومثَّلَ بهم ، وقد أطلق على هذه الجزر التى أشهرها مندناوا ، اسم الفليبين (نسبة إلى فيليب الثانى ملك أسبانيا).

أما عن جرائم انجلترا وفرنسا وهولندة والدانمارك وألمانيا وإيطاليا فى البلاد الإسلامية التى اغتصبوها فحدِّث ولا حرج.

ناهيك عن اختطاف المسلمين الأفارقة وبيعهم لخدمة البيض فى المستعمرات التابعة لهم ، الذى يبلغ عدد من نقل منهم إلى أمريكا فقط بأكثر من مليونين وثلث مليون – تبعا لتقدير أحد المؤرخين البرتغاليين.

هذا ما اغتصبه المحتل الأوروبى باسم الدين المسيحى ، اغتصب كل شىء فى أفريقية ، حتى الإنسان نفسه.

لقد أكد ملك إسبانيا أمام البابا “إن إسبانيا قد جندت نفسها لحرب المسلمين فى أفريقيا حرباً لا تنفك عنها حتى تغرس الصليب فى ديار المسلمين وتجعل أتباع محمد يخضعون له قهراً”.

وعندما فتحت قناة السويس أرسل المهندس ديليسبس إلى البابا يقول له: الآن أصبح الطريق إلى قلب العالم الإسلامى مفتوحاً .. وكانت شركة قناة السويس (قبل التأميم) تخصص من ميزانيتها خمسة ملايين من الجنيهات لأعمال التبشير فقط سنوياً.

يذكر كلارك أحد أعضاء الإرسالية الأمريكية فى تقرير له عن الكونغو سنة 1885م وكيف كان البلجيك يرسلون جنودهم ليقتلوا أفراداً من قبيلة الأكوكو ، ويعودون بالأيادى التى قطعوها من جثث ضحاياهم ، وكانت من بينهم أيدى ثلاثة أطفال ، وأقفرت مناطق بأكملها بسبب القتل والتعذيب. وكان من وسائل التسلية عند البلجيكيين قطع أعضاء الرجل التناسلية وتعليقها على سور القرية.

وكتب جليف فى تقرير له سنة 1894م أنهم أحضروا عشرين رأساً بشرياً إلى شلالات ستانلى، واستعملها الكابتن روم فى تزيين حوض الزهور أمام منزله.

ولكن قد يقول قائل إن كل هذا حدث فى العصور الماضية ”عصور البربرية والهمجية والجهل“؟

ولكن إذا سلمت أن ما فعله العامة كان كذلك ، ولكن أن يفعله باباوات الكنيسة أو تفعله الدولة التى كنيستها هى صاحبة السيادة ..!!! فماذا تقول أنت فيه؟

وماذا يفعل المنصرون حتى اليوم فى قلب العالم الإسلامى؟ فالتبشير ليس كما تعلمون يأتى بالعلم والرعاية الصحية لأهل البلاد المنكوبة. لا. فهو محاولة لإستعمار البلاد بطريقة أخرى. فبعد 75 سنة على احتلال بريطانيا لنيجيريا لم يشيد سوى مستشفى واحد للحميات فى بلد يصاب فيه من 60 إلى 80% من السكان بالملاريا والحميات المتوطنة. وهناك طبيب واحد لكل 000 60 مواطن أفريقى.

والنتيجة (كما يقول كارتن) أن يموت فى نيجيريا كل عام آلاف من الأطفال ، لم يكونوا ليموتوا لو استخدمت ثروات بلادهم فى الخدمات الاجتماعية الخاصة بهم.

اقرأ التخطيط المبدئى الذى رسمه لويس التاسع وهو فى خلوته فى معتقله بالمنصورة ، فهو الذى وضع للغرب الخطوط الرئيسية لسيلسة جديدة شملت مستقبل آسيا وإفريقيا بأسرهما – كما يقول المؤرخ رينيه جروسيه:

- تحيل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف الغرض نفسه ، لا فرق بين الحملتين إلا من نوع السلاح الذى يستخدم فى المعركة وتجنيد المبشرين الغربيين فى هذه المعركة السلمية لمحاربة تعاليم الإسلام ووقف انتشاره ثم القضاء عليه معنوياً ، واعتبار هؤلاء المبشرين فى تلك المعرك جنوداً للغرب.

- العمل على استخدام من يمكن إغراؤهم من مسيحيى الشرق فى تنفيذ سياسة الغرب (الكنائس الوطنية).

- العمل على إنشاء قاعدة للغرب فى قلب الشرق الإسلامى يتخذها الغرب نقطة ارتكاز ومركزاً لقواته الحربية ولدعوته السياسية والدينية ، ومنها يمكن حصار الإسلام والوثوب عليه كلما أتيحت الفرصة لمهاجمته.

إن هذا هو الميراث الروحى الذى ورثوه من التوراة والإنجيل. إنهم يسفكون هذه الدماء ، ويسرقون وينهبون ويزنون لا على أنها جرائم ، بل على أنها قربان يطلبون به رضوان الرب.

ولنقرأ سوياً أخلاق الحرب عند اليهود والنصارى:

6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا. (تثنية 3: 6- 7)
15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ. (تثنية 13: 15- 17)
10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً ... (تثنية 20: 10- 18)
20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. (يشوع 6: 20- 24)
19فَقَامَ الْكَمِينُ بِسُرْعَةٍ مِنْ مَكَانِهِ وَرَكَضُوا عِنْدَمَا مَدَّ يَدَهُ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَأَخَذُوهَا، وَأَسْرَعُوا وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. ... ... ... 24وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ, وَسَقَطُوا جَمِيعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً, جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْحَرْبَةِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. 28وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيّاً خَرَاباً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. 29وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ, وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. 30حِينَئِذٍ بَنَى يَشُوعُ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ. (يشوع 8: 18 – 30)


وكذلك فعل يشوع بالشعوب الآتية: مَقِّيدَةَ وأَرِيحَا ولِبْنَةَ ولَخِيشَ ولَخِيشَ وحَبْرُونَ ودَبِيرَ وضربهم بحد السيف وكل نفس بها ولم يبق بها شارداً ، بل حرَّم كل نسمة بها – كما أمر الرب!!!

40فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِداً, بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ. (يشوع 10: 28-40)
10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ.... 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ. (يشوع 11: 10-12)
3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي». (صموئيل الأول 15: 3 - 11)


هكذا ندم الرب ذو العلم الأزلى عندما فوجىء بما حدث من شاول ، أنه عفا عن أجاج وعن الجيد من الغنم والبقر والحملان والخراف!!!

فإن قالوا : تلك كانت العصور الوسطى عصور الظلام - عندهم - ، فلا يحتج على المسيحية بها ، أو يقولون: إن هذا كان قبل أن يحصل الخلاص للعالم بصلب المسيح!!! وهو قول مغلوط لأسباب عديدة ….

إن النصارى يقولون بأن الكتاب المقدس لم ينسخ و لا يمكن أن ينسخ … ويستشهدون بقول المسيح
(السموات والأرض تزولان و كلمتى لا تزول ) على أن النسخ لا يقع فى كتبهم … وهذا يخالف قولهم السالف.

الأهم من ذلك هو قول بولس نفسه الذى قد أيد كل ما ورد فى العهد القديم من دموية …. فنجده يقول فى

الرسالة إلى العبرانيين :

“30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
31بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ. 32وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضاً؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ،
33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ،
35أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ.
36وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ. 37رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ” (عبرانيين 11: 30 – 36)


إذن فبولس نفسه يرى أن ما فعله هؤلاء من سفك دماء و جرائم حرب إنما هو تقوى و إيمان و خير ….!!!!

وفى العهد الجديد نقرأ أيضاً:

34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. (متى 10: 34-40)
49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا». (لوقا 12: 49-53)
27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي». (لوقا 19: 27)
36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!». (لوقا 22: 36-37)
14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ (كورنثوس الثانية 6: 14-16).


فهذا هو دين النصارى الذى يزعمون أنه دين المحبة والسلام. فنحن نؤمن أن هذه ليست رسالة عيسى عليه السلام وأن رسالته هى مثل كل الرسالات السماوية تهدف إلى خير البشرية وسعادتها. إلا أن الكتاب المقدس لليهود والنصارى يأبى إلا أن تعيش البشرية على دين واحد. كل منهم يعتقد إنه صاحب الدين الأسمى والديانة الحقة ويسعى إلى إبادة مخالفيه. وها هو (القديس
Polykarp ) يلخص هذا بقوله: إن كل من لا يعترف بأن المسيح قد ظهر بجسده فهو مسيخ دجال .. بل مولود من الشيطان .. بل باكورة أبناء الشيطان التاريخ الجنائى للمسيحية صفحة 143.

عزيزى السائل! فى عام 1340م أرغم الملك شارل روبرت غير المسيحيين فى المجر على التنصر أو النفى من البلاد.

وفى مصر قتل جستنيان الأول عام 560م 000 200 فى الأسكندرية وحدها.

وفى النرويج ذبح الملك " أولاف " كل من رفض اعتناق المسيحية.

وفى روسيا فرض فلاديمير عام 988م المسيحية على كل الروس بالقوة.

وفى الجبل الاسود قاد الأسقف الحاكم دانيال بيتروفيتش عملية ذبح غير المسيحيين ليلة عيد الميلاد عام 1703م

عزيزى السائل لم يكن هذا فهم الشعوب البربرية والجاهلة فقط كما تدعى ، بل هو عقيدة القوم حتى اليوم.

ففى منتصف القرن التاسع عشر فوجىء أهل لبنان برجل اسمه الأب ماكسمليان ، وهو رجل دين جاء من لتوانيا .. ولم يكد يهبط إلى شاطىء لبنان حتى صرخ فى الناس ، فالتف حوله الناس يسألونه عما دهمه ، فإذا به يطلب من المسيحيين إبادة كل مسلم ومسلمة ، وإخلاء لبنان من المسلمين.

وفى أوائل القرن العشرين جاءت سيدة كاثوليكية اسمها “إميليا” من مدينة “تورنتو” الإيطالية .. لقد زعمت هذه السيدة أنها رأت “العذراء” وقالت لها قومى الآن .. وسافرى إلى مدينة “صور” وسوف تجدين فى الشارع الواسع بيتاً أبيض .. أمامه شجرة عنب أحمر .. ادخلى البيت ، وأطلقى الرصاص على الذى يفتح الباب ولا تتأسفى عبى ذلك. فهذا أمر من السماء .. وقد اختارتك السماء لنشر دين المسيح ..!

عادت القاتلة – السيدة .. الأم .. – إلى إيطاليا سعيدة بعد أن قتلت طفلاً مسلماً بريئاً عمره لا يزيد عن الخامسة. وبذلك فقد أراحت ضميرها وأدت واجبها ونشرت دين المسيح!!!

هل مرَّ على هذا زمن طويل؟ فماذا يقولون في هذا القرن العشرين الذي نعيش فيه ، والذي يسمونه عصر الحضارة الإنسانية الراقية ؟!

لقد شهد هذا القرن من الحروب التي قامت بها الدول المسيحية ، ما شهدت تلك العصور الوسطى المظلمة – عندهم – بل وأشد وأقسى !!.
يقول بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل السابق: إن أخشى ما نخشاه أن يظهر فى العالم محمد جديد.

غزت الاتحاد السوفيتى أفغانستان ولم تمد دولة فى العالم يد المساعدة إليهم. وهو نفس تصرُّف الغرب حين فتح الأحباش نيران رشاشاتهم الروسية على المصلين فى مسجد مدينة ريردار فأبادوا منهم ألفاً دفعة واحدة.

كتب الأديبان الفرنسيان “كوليت وفرانسيس جانسون”: “لعل العبث بالدين الإسلامى كان المجال المفضل لدى القائد “روفيجو” فقد وقف هذا القائد الفاجر ونادى فى قومه: إنه يلزمه أجمل مسجد فى المدينة ليجعل منه معبداً لإله المسيحيين. وطلب إلى أعوانه اعداد ذلك فى أقصر وقت ممكن.

ووقع الاختيار على “جامع القشاوة” وهو أجمل مساجد الجزائر ويقع فى وسط المدينة وفى قلب الحى الأوروبى. وتحدد ظهر يوم 18 من ديسمبر 1832 لإنجاز هذا العمل وتحقيق رغبة القائد المسيحى ناشر السلام!!!

ففى الميعاد المحدد تقدمت احدى فرق الجيش ، وأخذت أهبتها للعمل فى ميدان السودان ، وخرجت من بينها فرقة فهاجمت أبواب المسجد بالبلط والفئوس ، وإذا داخل المسجد 4000 أربعة آلاف مسلم ، قتلوا جميعاً ، وفى الصباح كانت القرارات قد صدرت وصار المسجد الجامع (كاتدرائية الجزائر).

وما إن انتهى الجنود من هذا العمل حتى استداروا صوب “مسجد القصبة” فدخله القواد والضباط والجنود ، وأقاموا فيه شعائرهم الدينية، حتى إذا انتهى القداس، شرع القساوسة فى تمجيد إله الجيوش وترتيل نشيد الغفران!!!

وقد انضم القس سوشيه الوكيل العام لأسقف الجزائر إلى هؤلاء الجنود الجهلة وضباطهم العابثين دون أن يستنكر هذه الفعلة النكراء. فهو لم يجد فى كتابه ما ينهيه عن ذلك!!! لذلك جاء مدحه لهذه الجرائم. فقد كتب سنة 1839 كتاباً أسماه “رسائل مفيدة ومشوقة عن الجزائر” وجه فيه الكلام إلى عاهل فرنسا، يمتدح فيه القاتل مسيو فاليه ويصفه بالرجل ذى الضمير الحى.

كما كتب الأديبان الفرنسيان “كوليت وفرانسيس جانسون” أيضاً وهم لا يرويان عن شاهد ، وإنما من واقع تقارير لجان رسمية أو من رسائل مكتوبة بخط قادة أو ضباط يتركون أنفسهم على سجيتها وهم يتحدثون إلى زوجاتهم ، أو ذوى قرباهم:

“بناء على تعاليم الجنرال (روفيجو) خرجت قوة من الجنود فى مدينة الجزائر ليلة السادس من أبريل سنة 1832 ، وانقضت قبيل الفجر على أفراد القبيلة وهم نيام تحت خيامهم ، فبغتتهم جميعاً دون أن يستطيع أحد منهم الدفاع عن نفسه، وقد لقى الجميع حتفهم بلا نمييز بين رجل وطفل ولا بين رجل وامرأة، وعاد الفرنسيون من هذه الحملة وهم يرفعون رؤوس القتلى على أسنة رماحهم.

ويقول الجنرال شان جانييه: إن رجاله وجدوا التسلية فى جزر رقاب المواطنين من رجال القبائل الثائرة فى بلدتى (الحواش) و (بورقيقة).

كما جاء فى تقرير رسمى: إن كل الماشية قد بيعت إلى قنصل الدنمارك ، وعرض باقى الغنيمة فى سوق باب عزون ، حيث كانت ترى أساور النساء محيطة بمعاصم مقطوعة ، وأقراط تتدلى من قطع لحم أدمى، وقد بيعت هذه المصوغات ووزع ثمنها على ذابحى أصحابها ، وفى ليل ذلك اليوم أصدر البوليس أوامره إلى أهل المدينة باضاءة الأنوار فى حوانيتهم علامة على الإبتهاج!!!

وقالت إحدى اللجان الرسمية الفرنسية فى تقرير لها كتبته بعد تحقيق أجرته أثر بعض هذه المذابح:

“لقد ذبحنا أناساً كانوا يحملون تراخيصاً بالتنقل ، كما قضينا على مناطق بأكملها ، اتضح فيما بعد أن ضحايانا فيها كانوا أبرياء ، وقد حاكمنا رجالاً عرفوا بالقداسة بين عشيرتهم ، وآخرين لا تنقصهم صفة الإحترام بين ذويهم لمجرد أنهم مثلوا أمامنا سائلين الرحمة بزملائهم. (الإستعمار أحقاد وأطماع ص 28)

وقد كتب المارشال سانت أرنو إلى أهله يقول: إن بلاد بنى منصر بديعة، وهى من أجمل ما رأيت فى أفريقية، فقراها متقاربة، وأهلها متحابون، لقد أحرقنا فيها كل شىء، ودمرنا كل شىء. (الإستعمار أحقاد وأطماع ص 28)

حدث ذات مرة أن ثار الجزائريون أثناء الحرب العالمية الثانية مطالبين بحريتهم ، فما كان من البوليس الفرنسى أن تبادل اطلاق النار مع الثائرين بصورة وحشية فى الثامن من مايو سنة 1945 ، فأعلنت الأحكام العرفية على أثر ذلك، وأقبل الطراد “ديجواى - تراون” فأمطر مدينة “خزاطة” وابلاً من قنابله الثقيلة، وقامت قوات الجيش بالحملات التأديبية، وشنق الوطنيين من غير محاكمة، وكانت النتيجة أن قتل من الأوربيين 102 قتيلاً على وجه التحديد، أما عدد القتلى من العرب فقد قيل أولاً بصفة رسمية إنه 1500 ، غير أن الجيش أعلن أنه يتراوح بين 6000 و 8000.

ثم جاءت إحصاءات أخرى تقول إن العدد الصحيح 000 20، وبعد إعادة النظر فى حقائق الأمور تبين أن العدد الصحيح هو 000 40 قتيل، وقد أيده القنصل الأمريكى ببيانات من عنده.

أربعون ألف قتيل يحصدون هكذا بين عشية وضحاها!!! أتظن لو انتشر وباء الطاعون بالبلد البائس أكان يغتال هذا العدد بهذه السرعة؟

ويجىء القساوسة الكاثوليك بعد ذلك لينصِّروا اليتامى من أبناء وبنات الشهداء – تماماً كما حدث لأبناء وبنات مسلمى البوسنة والهرسك – وليقولوا لهم وهم يحشرونهم فى احدى الملاجىء المسيحية: “الله محبة!!!” و “على الأرض السلام!!!” و “للناس المسرة!!!”.

على ركام من أشلاء الموتى والجرحى ومشوهى الحرب، على ركام من أطلال منازلهم وخراب مصانعهم ومزارءهم ونفاق حيواناتهم، على ركام من هؤلاء ذاهب فى الطول والعرض، وبعد أمواج من الرعب يخلفها هذا السيل المشئوم من الدماء، يجاء بالأولاد التائهين وبقايا الأحياء فى أنحاء الأرض ليسمعوا بقلوب قد فطرها الثكل والفزع: أن الله محبة!!!

هل تعلم أنه عُرِضَ اقتراح على هيئة الأمم المتحدة ضد التفرقة العنصرية بجنوب أفريقيا. شىء إنسانى رائع لا يرفضه إلا كل متعصِّب أو مستفيد من هذه الكوارث!!

عارضت الإقتراح ووقفت تناصر التفرقة العنصرية ، وتعلن العداء لحقوق الإنسان كل من البلاد المسيحية المتحضرة الآتية: بريطانيا واستراليا وكندا ونيوزيلندة وبلجيكا. وامتنع عن التصويت كل من: الولايات المتحدة والنرويج وتركيا والدانيمارك وفرموزا.

أما سياسة فرنسا فى هذه القضية وغيرها فقد شرحها أحد علماء القانون الفرنسى فى هذه العبارات:

“إذا قلنا سيادة الشعب فلا يعنى هذا شعوب مدغشقر أو أفريقيا الاستوائية أو مسلمى مراكش ...! إن حقوق الانسان والمواطن لا تطبق ولا تراعى إلا لصالح الشعب الفرنسى بالقارة الأوربية. فالوطن فى مدغشقر أو الهند الصينية مهما بلغت مكانته الاجتماعية وثقافته وعلمه لا يعتبر مساوياً للفرنسى الأوربى.”

هل تعلم أن جزيرة مدغشقر قد ثارت بعد الحرب العالمية الثانية تطالب بحريتها ، فكان جزاء الثائرين أن تحركت القوات الفرنسية ، وقتلت من الآهلين 000 80 ثمانين ألف نفس فى ضربة واحدة!!

ونفس الشىء حدث لقبائل “الماو ماو” فى كينيا عندما ثارت تطالب بحريتها فقد أباد الإنجليز أهلها حتى لم يتبق من هذه القبائل سوى 250 أو 300 نفس على الأكثر. إذن قد أبيدت عشرات الألوف من هؤلاء المطالبين بحقوق الانسن!! فى الوقت الذى ادعى الإنجليز أن وحوشاً برية قد ظهرت بكثرة فى هذا الموطن وفتكت بالناس فتكاً ذريعاً! حتى الحيوانات المفترسة لم تسلم من إلصاق تهماً بها تغطية على فضائح وجرائم الإنجليز! “الله محبة!!!” و “على الأرض السلام!!!” و “للناس المسرة!!!”.

ونفس هذا الإجرام تجده أيضاً بين فرق النصارى أنفسهم: فقد اشتركت الكنيسة الكاثوليكية فى صربيا مع قساوستها ورجال الإكليرك والرهبان وكذلك أعضاء منظمات الشباب الكاثوليك فى المذابح التى لاقاها الأرثوذكس من أهل الصرب فى معسكرات الاعتقال التى كان يشرف عليها القساوسة الكاثوليك وأسفرت عن مقتل 000 700 من الصرب الأرثوذكس و 000 90 من اليهود والزيجويتر، على الرغم من علم البابا بما يحدث هناك تبعاً للتقرير المفصل الذى قدمه إليه (بوكون) فى الثامن من أكتوبر لسنة 1942.

يقول أيوجين روستو رئيس قسم التخطيط فى وزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى سنة 1967: يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هى خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية.

ويستطرد قائلاً: لقد كان الصراع محتدما ما بين المسيحية والإسلام من القرون الوسطى ، وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصورة مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب وخضع التراث الإسلامى للتراث المسيحى.

ويتابع قائلاً: إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هى جزء مكمل للعالم الغربى ، فلسفته ، وعقيدته ، ونظامه ، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقى الإسلامى ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة فى الدين الإسلامى ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف المعادى للإسلام وإلى جانب العالم الغربى والدولة الصهيونية ، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر لغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها.

هذا ما قاله روستو. إن الهدف الأعلى من استعمارهم للشرق الأوسط ومساندت الكيان الصهيونى الإسرائيل هو إذن تدمير الحضارة الإسلامية ، وأن قيام دولة إسرائيل هو جزء من هذا المخطط. وليس ذلك إلا استمراراً للحروب الصليبية!!

ألم يقف (اللورد اللنبي) ممثل الحلفاء: إنجلترا ، وفرنسا ، وإيطاليا ، ورومانيا ، وأميركا ، في بيت المقدس في سنة 1918 ، حين استولى عليه في أخريات الحرب العالمية الأولى قائلاً: (اليوم انتهت الحروب الصليبية)؟!

ألم يؤكد هذا باترسون سمث فى كتابه “حياة المسيح الشعبية”؟ قائلاً: باءت الحروب الصليبية بالفشل ، لكن حادثاً خطيراً وقع بعد ذلك، حينما بعثت انجلترا بحملتها الصليبية الثامنة، ففازت هذه المرة.

إن حملة اللنبى على القدس أثناء الحرب العالمية الأولى هى إذن الحملة الصليبية الثامنة والأخيرة.

ألم تنشر الصحف البريطانية صور اللنبى ، وكتبت تحته عبارته المشهورة التى قالها عندما غزا القدس: “اليوم انتهت الحروب الصليبية”.

ألم يهنىء لويد جورج وزير الخارجية البريطان الجنرال اللنبى فى البرلمان البريطانى لإحرازه النصر فى آخر حملة من الحروب الصليبية ، التى سماها لويد جورج الحرب الصليبية الثامنة.

والجنرال الفرنسي ( غورو ) ممثل الحلفاء عندما تغلب على جيش ميسلون خارج دمشق توجه فوراً إلى قبر البطل المسلم ( صلاح الدين الأيوبي ) عند الجامع الأموى ، وركله بقدمه وقال له: “ها قد عدنا يا صلاح الدين”.

يؤكد استمرار الحروب الصليبية ما قاله وزير خارجية فرنسا مسيو بيدو عندما زاره بعض البرلمانيين الفرنسيين وطلبوا منه وضع حداً للمعركة الدائرة فى المغرب أجابهم: “إنها معركة بين الهلال والصليب”!!!

وحزب الكتائب وشمعون يعتبرون أن حرب لبنان هى حرب صليبية، كما نشرت فى عنوانها الرئيسى جريدة العمل اللبنانية التى يشرف عليها بيير الجميل.

ألم يقل راندولف تشرشل بعد سقوط القدس سنة 1967: لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء ، إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود. إن القدس قد خرجت من أيدى المسلمين ، وقد أصدر الكنيست اليهودى ثلاثة قرارات بضمها إلى القدس اليهودية ولن تعود إلى المسلمين فى أية مفاوضات مقبلة بين المسلمين واليهود.

وعندما دخلت قوات اسرائيل القدس سنة 1967 تجمهر الجنود حول حائط المبكى ، وأخذوا يهتفون مع موشى دايان: هذا يوم بيوم خيبر ... ...
وتابعوا هتافهم: حطوا المشمش عالتفاح ، دين محمد ولَّى وراح ...

وهتفوا أيضاً: محمد مات .. خلف بنات ..

واستغلت إسرائيل صليبية الغرب فخرج أعوان إسرائيل فى باريس بمظاهرات قبل حرب سنة 1967 يحملون لافتات ، سار تحت هذه اللافتات جان سارتر ، كتبوا على هذه اللافتات ، وعلى جميع صناديق التبرعات لإسرائيل جملة واحدة :

“قاتلوا المسلمين”! فاتهب الحماس الصليبى الغربى ، وتبرع الفرنسيين بألف مليون فرنك خلال أربعة أيام

فقط ... كما طبعت إسرائيل بطاقات معايدة كتب عليها “هزيمة الهلال” بيعت بالملايين ... لتقوية الصهاينة الذين يواصلون رسالة الصليبية الأوربية فى المنطقة ، وهى محاربة الإسلام وتدمير المسلمين.

إنهم لايزالون يريدون القضاء على الإسلام واحتلال ديار المسلمين وثرواتهم!

فهذا لورنس براون يقول:“إن الإسلام هو الجدار الوحيد فى وجه الإستعمار الأوربى”

ويقول جلاد ستون رئيس وزراء بريطانيا سابقاً: “ما دام هذا القرآن موجوداً فى أيدى المسلمين فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق”.
ويقول الحاكم الفرنسى على الجزائر فى ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر: “إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ، ويتكلمون العربية ، فيجب أن نزيل القرآن العربى من وجودهم ، ونقتلع اللسان العربى من ألسنتهم.

وفى افتتاحية عدد 22 أيار لسنة 1952 من جريدة أوزباكستان - وهى الجريدة اليومية للحزب الشيوعى لأوزباكستان : “من المستحيل تثبيت الشوعية قبل سحق الإسلام نهائياً”

ويقول أحد المنصريين “المبشرين”: إن القوة الكامنة فى الإسلام هى التى وقفت سداً منيعاً فى انتشار المسيحية، وهى التى أخضعت البلاد التى كانت خاضعة للنصرانية.

ويقول مسؤول فى وزارة الخارجية الفرنسة سنة 1952: “ليست الشيوعية خطراً على أوربا فيما يبدو لى ، إن الخطر الحقيقى الذى يهددنا مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامى ، فالمسلمون عالم مستقل كل الإستقلال عن عالمنا الغربى ، فهم يملكون تراثهم الروحى الخاص بهم ، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة ، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد ، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية فى الحضارة الغربية.
فإذا تهيأ لهم أسباب الإنتاج الصناعى فى نطاقه الواسع انطلقوا فى العالم يحملون تراثهم الحضارى الثمين ، وانتشروا فى الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية ، ويقذفون برسالتها إلى متحف التاريخ. وقد حاولنا نحن الفرنسيين خلال حكمنا الطويل للجزائر أن نتغلب على شخصية الشعب المسلمة ، فكان الإخفاق الكامل على الرغم من مجهوداتنا الكبيرة الضخمة.

إن العالم الإسلامى عملاق مقيد ، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً ، فهو حائر، قلق، كاره لانحطاطه وتخلفه، وراغب رغبة - يخالطها الكسل والفوضى – فى مستقبل أحسن ، وحرية أفضل ...

فلنعط هذا العالم الإسلامى ما يشاء ، ولنقوِ فى نفسه الرغبة فى عدم الإنتاج الصناعى والفنى حتى لا ينهض ، فإذا عجزنا عن تحقيق هذا الهدف ، بإبقاء المسلم متخلفاً ، وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه ، فقد بؤنا باخفاق خطير ، وأصبح خطر العالم العربى ، وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً ينتهى به الغرب ، وتنتهى معه وظيفته الحضارية كقائد للعالم.”

ويقول مورو بيرجر فى كتابه (العالم العربى المعاصر): إن الخوف من العرب ، وإن اهتمامنا بالأمة العربية ، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب ، بل بسبب الإسلام.

فيجب محاربة الإسلام ، للحيلولة دون وحدة العرب ، التى تؤدى إلى قوة العرب ، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره.
إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر فى القارة الإفريقية.

بعد استقلال الجزائر ألقى أحد كبار المستشرقين محاضرة فى مدريد كان عنوانها: لماذا كنا نحاول البقاء فى الجزائر؟

وأجاب على هذا السؤال بشرح مستفيض ملخصه: إننا لم نكن نسخِّر النصف مليون جندى من أجل نبيذ الجزائر أو صحاريها أو زيتونها …
إننا كنا نعتبر أنفسنا سور أوربا الذى يقف فى وجه زحف إسلامى محتمل يقوم به الجزائريون واخوانهم من المسلمين عبر البحر المتوسط ، ليستعيدوا الأندلس التى فقدوها ، وليخلوا معنا فى قلب فرنسا بمعركة بواتيه جديدة ينتصرون فيها ، ويكتسحون أوربا الواهنة ، ويكملون ما كانوا قد عزموا عليه أثناء حلم الأمويين بتحويل المتوسط إلى بحيرة إسلامية خالصة. من أجل ذلك كنا نحارب فى الجزائر.

يقول جاردنر: إن الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ القدس، إنها كانت لتدمير الإسلام.

ونشيد جيوش الاستعمار كان يقول: أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة ، لأحارب الديانة الإسلامية ، ولأمحوا القرآن بكل قوتى.

ويقول المستشرق الفرنسى كيمون فى كتابه (باثولوجيا الإسلام): “إن الديانة المحمدية جذام تفشى بين الناس ، وأخذ يفتك بهم فتكاً ذريعاً ، بل هو مرض مريع ، وشلل عام ، وجنون ذهولى يبعث على الخمول والكسل ، ولا يوقظه من الخمول والكسل إلا ليدفعه إلى سفك الدماء ، والإدمان على معاقرة الخمور ، وارتكاب جميع القبائح ، وما قبر محمد إلا عمود كهربائى يبعث الجنون فى رؤوس المسلمين ، فيأتون بمظاهر الصرع والذهول العقلى إلى ما لا نهاية ، ويعتادون على عادات تنقلب إلى طباع أصيلة ككراهة لحم الخنزير ، والخمر والموسيقى. إن الإسلام كله قائم على القسوة والفجور فى اللذات.”

ويتابع هذا المستشرق المجنون قائلاً: “أعتقد أنه من الواجب إبادة خُمس المسلمين ، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة ، وتدمير الكعبة ، ووضع قبر محمد وجثته فى متحف اللوفر.”

ويبدو أن قائد الجيوش الانجليزية فى حملة السودان قد طبق هذه الوصية ، فهجم على قبر المهدى -الذى سبق له أن حرر السودان وقتل القائد الإنجليزى جوردون – ونبشه ، وأخرج جثة المهدى وفصل رأسه وأرسله إلى عاهر إنجليزى وطلب إليه أن يجعله مطفأة لسجائره.

كما صرح الكاردينال بور ، كاردينال برلين لمجلة تابلت الإنجليزية الكاثوليكية يوم سقوط القدس سنة 1967 بعد أن أقام القداس فى وجود المسيحيين واليهود فى كنيس يهودى لأول مرة فى تاريخ المسيحية: إن المسيحيين لابد لهم من التعاون مع اليهود للقضاء على الإسلام وتخليص الأرض المقدسة.

كما قال لويس التاسع ملك فرنسا الذى أسر فى دار ابن لقمان بالمنصورة فى وثيقة محفوظة فى دار الوثائق القومية فى باريس: “إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب ، وإنما الانتصار عليهم بواسطة السياسة باتباع ما يلى:

- إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين ، وإذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملاً على إضعاف المسلمين.
- عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح.

- إفساد أنظمة الحكم فى البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء ، حتى تنفصل القاعدة عن القمة.

- الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه ، يضحى فى سبيل مبادئه.

- العمل على قيام دولة غريبة فى المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوباً ، أنطاكيا شمالاً ثم تتجه شرقاً وتمتد حتى تصل إلى الغرب.

اعترض مجلس العموم البريطانى على وزير خارجيته “كرزون” على اعتراف انجلترا باستقلال تركيا التى يمكنها أن تجمع حولها العالم الإسلامى مرة أخرى وتهجم على الغرب.

فأجاب كرزون: لقد قضينا على تركيا ، التى لن تقوم لها قائمة بعد اليوم .. لأننا قضينا على قوتها المتمثلة فى أمرين: الإسلام والخلافة.
فصفق النواب الانجليز كلهم ، وسكتت المعارضة.

يقول جلادستون: مادام هذا القرآن موجوداً ، فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق ، ولا أن تكون هى نفسها فى أمان.

ويقول المبشر وليم جيفورد بالكراف: متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب ، يمكننا حينئذ أن نرى العربى يتدرج فى طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه.

استولت الحبشة على إريتريا المسلمة بتأييد من فرنسا وانجلترا. فماذا قعلت فيها؟ صادرت معظم أراضيها ، وأسلمتها لإقطاعيين من الحبشة ، كان الإقطاعى والكاهن مخولين بقتل أى مسلم دون الرجوع إلى السلطة ، فكان الإقطاعى أو الكاهن يشنق فلاحيه أو يعذبهم فى الوقت الذى يريد ….
فتحت للفلاحين المسلمين سجوناً جماعية رهيبة ، يجلد فيها الفلاحون بسياط أكثر من عشرة كيلو جرامات. وبعد إنزال أفظع أنواع العذاب بهم كانوا يُلقوْن فى زنزانات بعد أن تربط أيديهم بأرجلهم ، ويتركون هكذا لعشر سنين أو أكثر ، وعندما كانوا يخرجون من السجون كانوا لا يستطيعون الوقوف ، لأن ظهورهم قد أخذت شكل القوس.

كل ذلك قبل استلام هيلاسيلاسى السلطة فى الحبشة ، فلما أصبح امبراطور الحبشة وضع خطة لإنهاء المسلمين خلال خمسة عشر عاما ، وتباهى بخطته هذه أمام الكونجرس الأمريكى.

سن تشريعات لإذلال المسلمين منها أن عليهم أن يركعوا لموظفى الدولة وإلا يقتلوا.

أمر أن تستباح دماؤهم لأقل الأسباب ، فقد وجد شُرطياً قتيلاً قرب قرية مسلمة ، فأرسلت الحكومة كتيبة كاملة قتلت أهل القرية كلهم وأحرقتهم مع قريتهم ، ثم تبين أن القاتل هو صديق المقتول ، الذى اعتدى على زوجته.

حاول أحد العلماء وهو الشيخ عبد القادر أن يثور على هذه الإبادة فجمع الرجال ، واختفى فى الغابات ، فجمعت الحكومة أطفالهم ونساءهم وشيوخهم فى أكواخ من الحشيش والقصب ، وسكبت عليهم البنزين وأحرقتهم جميعاً.

ومن قبضت عليه من الثوار كانت تعذبه عذاباً رهيباً قبل قتله ، من ذلك اطفاء السجائر فى عينيه وأذنيه ، وهتك عرض بناته وزوجته وأخواته أمام عينيه ، ودق خصيتيه بأعقاب البنادق ... وجره على الأسلاك الشائكة حتى يتفتت، وإلقاؤه جريحا قبل أن يموت لتأكله الحيوانات الجارحة ، بعد أن تربطه بالسلاسل حتى لا يقاوم.

أصدر هيلاسيلاسى أمراً باغلاق مدارس المسلمين وأمر بفتح مدارس مسيحية وأجبر المسلمين على ادخال أبنائهم فيها تمهيداً لتنصيرهم.

وفى بنجلاديش قتل الجيش الهندى الذى كان يقوده يهود عشرة آلاف عالم مسلم بعد انتصاره على جيش باكستان سنة 1971 ، وقتل مائة ألف من طلبة المعاهد الإسلامية وموظفى الدولة ، وسجن خمسين ألفاً من العلماء وأساتذة الجامعات ، وقتل ربع مليون مسلم هندى هاجروا من الهند إلى باكستان قبل الحرب ، وسلب الجيش الهندى ما قيمته 30 مليار روبية من باكستان الشرقية من أموال الناس والدولة.

ما وجه الاختلاف بين ما فعله أمس الجنود الصرب فى مسلمى البوسنة أو ما فعله الروس فى مسلمى الشيشان أو ما فعله هيلاسيلاسى تحت سمع وبصر العالم أجمع وبين ما فعله القساوسة الأسبان فى مسلمى أسبانيا؟

فهذا النقيب الفرنسى “دى ليل” يحكى أهوال غرف التعذيب التى عثروا عليها فى أحد الأديرة: “رأينا غرفاً صغيرة فى حجم جسم الانسان ، بعضها عمودى وبعضها أفقى ، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت ، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممدوداً بها حتى يموت. وتبقى الجثث فى السجن الضيق حتى تبلى. ويتساقط اللحم عن العظم وتأكله الديدان. ولكى تُصرَف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجى. وقد عثرنا فى هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت فى أغلالها.

ثم انتقلنا إلى غرف أخرى ، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان ، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب ، منها آلات لتكسير العظام ، وسحق الجسم البشرى. كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل ، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجياً، حتى يهشم الجسم كله ، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوق ، والدماء الممزوجة باللحم المفروم.

ثم يرنمون “الله محبة!!!” و “على الأرض السلام!!!” و “للناس المسرة!!!”

ويستطرد النقيب “دى ليل” قائلاً: ثم عثرنا على صندوق فى حجم رأس الانسان تماماً ، يوضع فيه رأس الذى يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة ، وفى أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتضام، فى كل دقيقة نقطة، حتى يُجَن المعذَّب او يموت.

وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة ، فكانوا يلقون المُعذَّب فى هذا التابوت، ثم يغلقون بابه المثبَّت فيه سكاكين وخناجر. فإذا أغلق باب التابوت مزَّق جسد المعذَّب وقطعه إرباً إرباً وهو ما زال على قيد الحياة!!

كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز فى لسان المعذب ثم تُشَدّ ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة. وكلاليب تغرس فى أثداء النساء وتسحب بعنف حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين!!

ثم يرنمون “الله محبة!!!” و “على الأرض السلام!!!” و “للناس المسرة!!!”

وهذا بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل سابقاً يقول: “إن أخشى ما نخشاه أن يظهر فى العالم العربى محمد جديد.

وهل هدمت الديار ،وسفكت الدماء ،واغتصبت الأعراض في البوسنة والهرسك إلا باسم الصليب؟

بل أين هؤلاء مما حدث في الشيشان – ومازال يحدث -؟ وفي إفريقيا ؟واندونيسيا ؟ و...غيرها ؟ وهل يستطيع هؤلاء إنكار أن ما حدث في كوسوفا كان حربا صليبية ؟

هل تعلم أن الخرائط التى وضعها اليهود لدولتهم الكبرى تشتمل على جميع الأراضى العربية الواقعة بين النيل والفرات وهى شمال الحجاز بما فيه المدينة المنورة!!!

هل تعلم أنه فى شهر أبريل من سنة 1948 نشر الزعيم اليهودى “بن هخت” – عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين – مقالاً فى جريدة نيويورك تايمز يطالب فيه بتشكيل جيش يهودى قوى لاحتلال المدينة المنورة ، وهدم المسجد النبوى الشريف والضريح الطاهر ، لإرغام العرب والمسلمين على الخضوع لليهود والركوع على أقدامهم!!!

هل تعلم أن الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران صرح فى شهر ديسمبر لسنة 1992 بشأن جرائم الصرب فى البوسنة والهرسك: إننى لا أرضى على مايحدث فى البوسنة من جرائم بشعة، لكننى لن أسمح بأن تكون البوسنة دولة إسلامية فى قلب أوروبا”

حقاً “الله محبة!!!” و “على الأرض السلام!!!” و “للناس المسرة!!!”.

ولا تظن أن هذا شأن الرئيس الفرنسى فقط ، بل هو شأن العالم المسيحى كله!

ولعل التاريخ لم يُمحَ بعد، ولعل الذاكرة تسترجع اسم الدكتور سالم أحمد سالم وزير خارجية تنزانيا سابقاً ، والذى رشح من قبل منافساً للسكرتير العام السابق للأمم المتحدة بيريز دى كويار ، وقد حقق قبولاً ضخماً ، فاستخدمت فى مواجهته الولايات المتحدة واللوبى الصهيونى الذى يحكمها 16 فيتو صينى و 4 فيتو أمريكى و21 عملية اقتراع داخل مجلس الأمن استغرقت ثلاثة أسابيع لإجهاض انتخاب مسلم للأمم المتحدة!!! وانتهى الأمر إلى اختيار دى كويار. أما اختيار بطرس غالى فقد تم بالإجماع ، وفى جلسة واحدة.

إن الصليبية التى تهيمن على الأوروبيين والأمريكان لشىء آخر غير دين عيسى عليه السلام ، إن الصليبية المحدثة التى تُنسب لعيسى نبى الرحمة عليه السلام قوله “أما أعدائى الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى“ (لوقا 19: 27) قد انسجمت مع طبائع الغربيين الذين اعتنقوها ، وأرخت العنان لما يكمن فيها من قسوة.

يُضاف إلى ذلك أنها نقضت الاحساس بمعنى الجريمة وعقباها السيئة. ذلك أن نظرية صلب برىء وما تضمنته من تضحية الله – سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيرا – بابنه الوحيد كفارة لخطيئة آدم ، وكذلك نظرية بولس “متبرين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح” (رومية 3:24) التى تجعل الانسان من أهل البر والتقوى وتقربه إلى الله وتفسح الطريق أمامه لدخول الجنة بغير حساب أو عوائق ، جعلت الألوف المؤلفة من مصدقيها يستهينون بالأثام المحظورة ويُقدِمون عليها وهم آملون أن تُحمَل عنهم!

عزيزى السائل إن الخطأ يكمن فى كتابكم وفى فهمكم له. اسمع ما يقوله الراهب “جروم” عن أخلاق البابوات: “إن عيش القسوس ونعيمهم كان يزرى بترف الأغنياء والأمراء – ولقد انحطت أخلاق البابوات انحطاطاً عظيماً ، واستحوذ عليهم الجشع، وحب المال ، حتى كانوا يبيعون المناصب والوظائف فى المزاد العلنى، ويؤجرون الجنة بالصكوك، ويأذنون بنقض القوانين ويمنحون شهادات النجاة وإجازة حل المحرمات والمحظورات ولا يتورعون عن التعامل بالربا والرشوة.

ولقد بلغ من تبذيرهم للمال أن البابا (أينوسنت الثامن) اضطر إلى أن يرهن تاج البابوية. ويذكر عن البابا (ليو العاشر) أنه أنفق ما ترك سلفه من ثروة بالإضافة إلى دخله وإيراد خليفته المنتظر.

وكانوا يفرضون الإتاوات على الناس، ويستخدمون أبشع الوسائل فى استيفائها من الأغنياء والفقراء على السواء، ولا يأنفون من استيفاء هذه الإتاوات والضرائب حتى من البغايا اللواتى يستخدمن أعراضهن للحصول على المعيشة – بل كانوا يشجعون على البغاء العلنى بإعطاء التراخيص والإجازات لمن يريد ممارسة مهنة البغاء.

وقد أحصى عدد من حصلن على التراخيص فى عهد أحد البابوات فوجد أن عددهن يتجاوز 000 16 امرأة فى مدينة روما وحدها!!!

ولقد أورد مؤلف كتاب (الفارياق) حقائق مذهلة عن شيوع الفساد بين البابوات منها:

أن البابا “يوحنا الثانى” كان خليعاً ماجناً ، اتُهِمَ من قِبَل أربعين أسقفاً وسبعة عشر كاردينال بأنه فسق بعدة نساء، وأنه قلد مطرانية (طودى) لغلام عمره عشر سنين ، ثم قتل وهو متلبس بجريمة الزنا مع امرأة ، وكان القاتل زوجها!!!

وأن البابا (أينوسنت الرابع) كان متهماً بالرشوة والفساد.

وأن البابا (أكليمنضوس الخامس عشر) كان يجول فيينا وليون لجمع المال ومعه عشيقته.

وأن البابا (يوحنا الثالث والعشرين) متهم بأنه سمم سلفه وأنه باع الوظائف الكنسية ، وأنه كان كافراً لوطياً!!!

وأن الأمير (سيزار بورجيا) - الذى اتخذ منه ميكيافيلى مثالاً للحاكم الناجح – كان ابناً غير شرعياً للبابا (اسكندر السادس)!!!

وأن بابا الفاتيكان الحالى (يوحنا بولس الثانى) متهما على الأقل بالتستر على موت البابا (يوحنا بولس الأول) مسموماً بعد انقضاء 33 يوماً على توليه عرش الباباوية. ولعل حياة البابا (اسكندر السادس) تصور مدى الفساد الذى استحوذ على حياة الباباوات ، فقد اتخذ له عشيقة اسمها (جيليا فارنيس) موفورة الجمال صغيرة السن ، اغتصبها من خطيبها ، واحتفظ بها بعد ارتقائه كرسى الباباوية!!!

وهاهو المبشر جيمى بيكر يغتصب الفتاة (جيسيكا هاهن) بعد أن تعرف عليها وراودها عن نفسها ، فبعد أن نفذ جريمته كان تعليقه الذى يكشف عن ممارساته الجنسية مع العاهرات: “إن جيسكيا تتمتع بمواهب المحترفات”.

ثم كشفت جيسكيا عن فضيحته قائلة: جعلنى أشرب نبيذاً مملوءاً بمخدر، ثم نزع ثيابى، وأجبرن على مداعبته، فلم أتمكن من مقاومته. لقد مارسنا الحب طيلة ساعة كاملة، بعد ذلك شعرت وكأنن مثل سندوتش هامبرجر مهمل، لا يرغب فيه أحد.”بعد ذلك قررت جيسكيا أن تلاحق بيكر قضائياً، فأرسل يعرض عليها صفقة، يدفع بموجبها 20 ألف دولار نقضاً، اضافة إلى 25 ألف دولار فى حساب مصرفى باسمها مع الفوائد الشهرية، فى مقابل صمتها لمدة 20 سنة.

وبعد سقوط بيكر أخذت وسائل الاعلان تبحث عن ماضيه وعن نمط حياته، فاكتشف أنه يملك بيوتا فخمة جداً فى كاليفورنيا وفلوريدا، وكان يعيش هو وزوجته حياة البذخ بلا حدود على حساب تبرعات الأتباع والبسطاء، وعندما تدخلت مصلحة الضرائب اكتشفت اختفاء 13 مليون دولار من الحساب.

وكذلك كانت للمبشر الأمريكى الشهير سويجارت فضيحة مدعمة بالصور مع المومسة المحترفة (دبرا ميورفى).

هل سمعت جرائم اليهود مع الأسرى المصريين فى حرب 1967؟ هل تعلم أنهم كانوا يبيعون أجزاء أجسامهم كقطع غيار؟ والذى فضح هذا هو أحد الفرنسيين الذى اشترى كلْيَةَ أسير مصرى ، فرجع بعد أن تم تغيير هذه الكلية له فى أحد مستشفيات فلسطين المحتلة ، يتحاكى عن صحة أبدان المصريين!!! هل سمعتم عن المجازر الجماعية للإرهابيين اليهود من أمثال شارون وغيره مع المصريين أثناء حروبهم سواء فى بحر البقر أو صابرا وشاتيلا أو فى جنوب لبنان؟

ومازالوا يعملون على إزالة كل الأديان من على الأرض: فقد كتب الكاتب اليهودى ماركس إيلى رافاج خطاباً مفتوحاً لمسيحى العالم ، نشرته مجلة القرن الأمريكية سنة 1928م وهذه مقتطفات منه: إنكم أيها المسيحيون لا تنقمون على اليهود لأنهم صلبوا المسيح ، بل لأنهم أنجبوه. إن نزاعكم الحقيقى مع اليهود ليس لأنهم لم يتقبلوا المسيحية ، بل لأنهم فرضوها عليكم. فهل من عجب أن تستاؤا منا؟

لم لا تستاؤون منا وقد وضعنا العوائق فى طريق تقدمكم ، وفرضنا عليكم كتاباً وديناً غريبين عنكم ، لا تستطيعون هضمهما ، وبذلك شتتنا أرواحكم ، وشللنا تطلعاتكم وجعلنا سبل حياتكم مرتبكة.

إنكم أيها المسيحيون تتهموننا بإشعال الثورة البلشفية التى لا تعدو أن تكون نقطة فى بحر الثورة التى أشعلها (بولس اليهودى) فى روما.
إنكم تلقبوننا بالمخربين ، وتجار الحروب والثورات ، إنها الحقيقة ، ولكن لا تنسوا أن هذه الحروب والثورات قد ساعدتنا على اكتشاف طريقنا إلى احتوائكم ، وتسخيركم والسيطرة عليكم.

وهذه مقتطفات أخرى من اعترافات يهودية تشرح كيف قصموا ظهر الكنيسة الكاثوليكية وكيف يفسدون العالم بعقائد وأفكار مسممة يستحيل على العقل فهمها أو معرفة حقيقتها أو أهدافها أو مبادئها مثل الشيوعية والفوضوية والوجودية والإشتراكية: أمرنا عدداً من أبنائنا بالدخول فى جسم الكاثوليكية ، مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب الكنيسة من قلبِها ، عن طريق اختلاق فضائح داخلية عملاً بنصيحة أمير اليهود الذى أوصانا بقوله (دعوا بعض أبنائكم يكونون كهنة ، ورعاة أبرشيات ، فيهدمون كنائسهم).

نحن أباء جميع الثورات التى قامت فى العالم حتى تلك التى انقلبت علينا ، ونحن سادة الحرب والسلام بلا منازع ، ونستطيع التصريح بأننا نحن الذين خلقنا حركة الإصلاح الدينى ، (فكالفن) كان أحد أولادِنا و(مارتن لوثر) أذعن لإيحاءات أصدقائه اليهود ، وقد نجحنا بإرادة اليهود وتمويلهم.
وفى الواقع فإن حركة الإصلاح التى تنسب لمارتن لوثر ليست إلا حركة تفتيت للكنيسة وتقليص سلطانها الدنيوى وتدمير النصارى بأيدى بعضهم البعض ، وإحياء العهد القديم بعد أن أصبح جثة هامدة ، فى محاولة لإبعاد اليهود أن يكونوا مستهدفين من محاولات الإنتقام أو الطرد أو المصادرة لممتلكاتهم أو تعذيبهم وقتلهم كما كان الحال سابقاً ، والأهم من ذلك صرف أنظار الأوروبيين عن الإسلام الذى بدأ نوره يشع عليهم بواسطة من عادوا سالمين من الحروب الصليبية.

أما بالنسبة لمخطط اليهود فهو مخطط قديم جداً نجحوا فى تنفيذه باقتدار ، لدرجة نجاحهم فى الوصول إلى كرسى البابوية نفسه ، فقد كان بابا الفاتيكان جريجورى السادس يهودياً كما كان البابا جريجورى السابع يهودياً وكذلك البابا أناسولت الثانى.

ومازال اليهود على نفس الدرب الذى رسموه لأنفسهم: تدمير العالم من المسلمين والنصارى حتى يكون لهم ملك باقى الأرض، وفى ذلك يصرح التلمود ويحث أتباعه: “يجب على كل يهودى أن يبذل جهده ليمنع باقى الأمم من التملك فى الأرض، لتبقى السلطة لليهود وحدهم ، وقبل أن يحكم اليهود نهائياً باقى الأمم ، يجب أن تقوم الحرب الشاملة ويهلك ثلثا العالم".

“ تذكروا يا أبنائى بأن الأرض كلها ستكون لنا نحن اليهود – أما غيرنا وهم حثالة الحيوانات وبرازها فلن يملكوا شيئاً قط ” من كتاب حكومات العالم السرية (مايرامشال روتشيلد)

“نحن اليهود لسنا إلا مفسدى العالم ومدمريه ، وناشرى الفتن والثورات فيه” من كتاب الأهمية العالمية للثورة الروسية (للدكتور أوسكار ليفى)

ويقول الحاخام رابينوفيتش: “لن تكون هناك بعد الحرب العالمية الثالثة ، أديان ولا رجال دين، ولقد انتهينا من تحطيم المسيحية ، ولم يبق فى طريقنا إلا الإسلام”.

ويؤكد نفس القول ميشال شيحا: “ الصهيونية عدوة الإسلام ثانياً ، وعدوة المسيحية أولاً ”. ويقول التلمود: “قتل النصارى من الأعمال التى يكافىء الله عليها. وإذا لم يتمكن اليهودى من قتلهم فيجب عليه أن يتسبب فى هلاكهم، فى أى وقت، وعلى أى وجه”.

ويقول هرتزل: “نعترف بجميع الأديان ثم نضع عليها إشارة استفهام – فإذا تزعزع معتنقوها عدنا وقلنا لا خالد إلا نواميس موسى. ولإختصار الطريق ، ندخل أديان الناس لنحيلها إلى فرق ومذاهب ، وطوائف متطاحنة ، لأن الناس خراف تُرعى بأراضيها ، ولأجل أن نوقعها بحوزتنا ونأكل من لحمها وننتزع أراضيها يجب أن نؤجج بينها نار العداوة ، لتسهل إبادتها بأيدى أبنائها”.

ويقول التلمود: “يجب على اليهودى أن يلعن النصارى كل يوم ثلاث مرات، ويطلب من الله أن يبيدهم ، ومن يرق دم (الغويم) فإنما يقدم قرباناً لله“.
هؤلاء هم حملة الكتاب المقدس!!! هؤلاء هم رافعوا لواء الله محبة!!! وهذا للأسف ثابت فى التاريخ ولا مفر من تكذيبه أو الإقلال من شأنه.
ولكن ما هى أخلاق المسلمين فى الحروب؟

إن الأزمات التي تتعرض لها البشرية من جراء الحروب لم تكن وليدة نقص فكري أو ثقافي أو اقتصادي بقدر ما هي وليدة أزمة خلقية، لذا نرى أن جميع الرسل والديانات إنما جاءت لترسيخ مبادئ الأخلاق السامية بين الشعوب، فهي تحرم الحروب من أجل الاستغلال والاعتداء على الغير، ودمار كافة المقومات البشرية لإرضاء شهوات ورغبات وميول فئات معينة نحو توسع دولة على حساب دولة أخرى، فقد قال رسول الله (ص) مبيناً الغرض الأساسي من البعثة النبوية:
(إنما بعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ) ، ومكارم الأخلاق هذه هي النظام الأساس في حفظ حقوق الآخرين وعدم الاعتداء، وسلامة المجتمع، وبالتالي التقليل من الخسائر بما يضمن للآخرين التعايش بالصورة الصحيحة.

من هذا الجانب تراه(ص) وضع قواعد واسعة عامة يمكن من خلالها الحد من نشو بالحروب وإمكانية التقليل من الخسائر عند اشتعالها، علماً أن هذه القواعد والأنظمة إنما هي أسس أخلاقية.

ففي حديث للرسول(ص) يقول:
(لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة).

فقد نهت الشريعة الإسلامية عن وضع الأغلال في أيدي الأسارى، وأمرت بتركهم أحرارا من دون تقييد أو تحديد لحركتهم، مع العلم أن ذلك ربما يطمعهم بالغدر ولكن الشريعة آثرت الخلق الرفيع، فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ر) يأمر بعدم التعرض للعاجزين والممتنعين عن الحرب بقوله:
(ولا تصيبوا معسوراً) حيث يأمر الخلق الإسلامي بإطعامه والرفق به واحترام حقوقه كإنسان، وهذا القانون الإسلامي قد سبق بأكثر من عشرة قرون ما توصلت إليه اتفاقية جنيف في 12/آب/1949..

لا تمثـلوا :
كما نهت الشريعة الإسلامية عن التمثل برجال العدو الذين قتلوا أو الذين استنفذت كافة قوتهم، فهم بين الحياة والموت يلفظون أنفاسهم الأخيرة فإيذاءهم وهم بهذه الحالة يعتبر انتقاماً فيه من البشاعة ما هو خارج عن إطار الخلق الإنساني مما ترفضه الشريعة الإسلامية السمحاء.. وهذا ما توصل إليه القانون الدولي والمشرعون الدوليون أخيراً في ضرورة دفن جثث القتلى في أماكن معروفة كي تسهل عملية تسليمهم وعدم العبث بها، وذلك ما سبق إلى تطبيقه الرسول الكريم(ص) وخاصة في معركة بر حتى تعداه إلى مداواة جرحى العدو والسماح إلى أفرادهم بحمل جثث قتلاهم وجرحاهم، وهذا أيضاً ما أفصح عنه لاحقاً القانون الدولي بضرورة تشريع منظمة الصليب الأحمر الدولية وما أنيط بها من دور أثناء الحروب.

لا تغدروا :
وهنالك أساس أخلاقي آخر أشار إليه الرسول(ص) في حديثه آنف الذكر وهو عدم الغدر، وهو نظام يهدف إلى عدم الانقضاض على العدو قبل دعوته إلى الحرب، وإنذاره بادئ الأمر، وقد التزم(ص) بذلك أثناء حروبه وبكافة تعهداته مع العدو فتراه في صلح الحديبية يلتزم بالمقررات المتفق عليها حتى بان خلاف ذلك من العدو لكافة تعهداته، أما أمير المؤمنين(ع) فكان بثباته على تعاليم رسول الله(ص) يقول: (الوفاء توأم الصدق)، وفي عهده إلى مالك الأشتر في ولايته لمصر (وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء.. فلا تغدرن بذمتك.. ولا تختلن عدوك..).

وهذا النهج هو عين النهج الذي سار عليه مؤتمر لاهاي الثالث حيث ألزم العازمين على شن الحرب بضرورة إنذار الخصم قبل أربع وعشرين ساعة من بدء العمليات الحربية.. مع الالتزام بكافة التعهدات والمقررات التي سبق أن اتفق عليها..

من هنا نلاحظ أن هذه القوانين تصب في نفس النتيجة التي سبق وأن أشارت إليها الشريعة الإسلامية مع العلم أنها كانت مطبقة على الواقع العملية في عهد الرسول(ص) ، وكذلك في عهد خلافة أمير المؤمنين علي(ع) ، ولكننا نراها اليوم مجرد قوانين وأنظمة ـ حبر على ورق ـ لا يلتزم بها أحد بل العمل يسير على خلافها من الغدر ونقض في العهود والمواثيق.. فترى اليهود من جانب يحاولون اللف والدوران وكسب الوقت للحيلولة دون الاعتراف بالحقوق المصادرة واسترداد الأراضي المغتصبة..

ومن جانب آخر ترى الصليبية تعود للغدر والانقضاض على أي تواجد إسلامي ومحاولة محوه بأي وسيلة كانت من الوسائل الخارجة عن كل المعايير الأخلاقية والقانونية، فتراهم في البوسنة والهرسك يمثلون بجثث القتلى من المسلمين ويبقرون بطون الحوامل ليراهنا على ما فيها هل هو ولد أم بنت؟ والى غير ذلك من الوحشية في عصر التطور وادعاء المنظمات الدولية باحترام حقوق الإنسان والتعايش السلمي.

لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا.. :
وفي إشارة أخرى إلى أساس أخلاقي آخر من أسس الشريعة السمحاء فقد أمر(ص) بعدم التعرض لكبار السن والنساء والأطفال باعتبارهم غي محاربين، ولا يقوون على حمل السلاح، فاعتبرهم من غير المشمولين بالحرب والقتل.. وهذا ما وصلت إليه الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف لحماية المدنيين في 12/ آب/ 1949 وهو كسابقه أصبح ـ حبراً على ورق ـ لما نراه اليوم من تعرض المدنيين شيوخاً ونساءً وأطفالاً إلى القتل والدمار وبكافة أنواع الأسلحة، وحتى المحرمة دولياً، كالأسلحة السامية، كيماوية وبيولوجية، ناهيك عن أسلحة الدمار الشامل.. فتراهم من جهة يصرحون باتفاق معين لخدمة البشرية السلام، ومن جهة أخرى يصرّحون باتفاق معين لخدمة البشرية والسلام، ومن جهة أخرى يتغاضون عن أفعالهم في تدمير المجتمعات بوسائل أكثر وحشية.. فترى المجتمع الدولي رغم ما يمر به من مراحل التطور والرقي، يفقد أغلى وأثمن شيء ممكن أن يتعامل به وهو الجانب الأخلاقي تجاه شعوب لا ذنب لها إلا رغبة الدول الكبرى والمستعمرين في الرجوع إلى عصر الجاهلية في اتخاذ القرارات التي تخدم مصالحهم في إبادة الشعوب وتحطيم كبريائهم وتمزيق وحدتهم من أجل السيطرة على مقدراتهم واستعمارهم وبأي وسيلة أنت.

الضرورة والتناسب ,, فتراهم يعودون إلى التمثيل والغدر والتقتيل بعكس ما صرحت به مقرراتهم مؤتمراتهم، وترى الجمعية العمومية للأمم المتحدة تصدر قرارها المرقم 3675 والذي يضمن في حالة الحرب مبدأ الضرورة والتناسب، بحيث أنه لا يمكن اللجوء إلى التدابير العسكرية إلا في حالة الضرورة القصوى والتي لا ملجأ إلا إليها من اجل ردع المقابل وتحقيق الأهداف المنشودة..

فأي ضرورة هذه التي تقود إلى اتخاذ التدابير العسكرية المتمثلة بالقصف الجوي والقتل والدمار اليومي والحصار الذي طال شعوب العالم الثالث خاصة؟ واي هدف منشود طيلة هذه السنين والتي يتعرض خلالها الحرث والنسل إلى العديد من الأمراض والموت الجماعي؟ وما هو مبدأ التناسب في هذه الحالة؟ والذي تقتضي مقررات جمعية الأمم المتحدة بعدم استخدام أساليب العنف ووسائل القتل والدمار إلا بالمقدار الضروري..‍‍!! فهل أن الحصار المفروض على شعوب المنطقة من قبل الأمم المتحدة هو بمقدار ما يتناسب وتحقيق الهدف المنشود؟! فالهدف الذي لا يتحقق لسنوات عدة من الحصار والدمار لشعوب لا حول لها ولا قوة متى يمكن تحققه؟!

الظاهر إن أهداف مبدأ الضرورة والتناسب لا يمكن تحقيقها حتى يشارف آخر مواطن من الشعوب المحرومة على الهلاك، حينها فقط يظهر الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي البعيد عن كل معايير الأخلاق والإنسانية..

يوصى الجيش قبل أن كان الرسول العظيم محمد يتحرك بقوله:
“انطلقوا باسم الله .. وعلى بركة رسوله .. لا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة ، وألا تغلوا ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، .. إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ..”

وعندما هُزِمَ المسلمون فى غزوة أحد خرج الرسول من المعركة جريحاً ، وقد كسرت رباعيته ، وشج وجهه ، ودخلت حلقتان من حلقات المغفر فى وجنتيه ، فقال له بعض من أصحابه: لو دعوت عليهم يا رسول الله ، فقال لهم:
“إنى لم أُبعَث لعاناً ، ولكنى بعثت داعية ورحمة .. اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون”

أسد الله حمزة بيد رجل يُدعى وحشى ، وفى نفس هذه المعركة قتل عم الرسول بتحريض من هند زوج أبى سفيان ، ولما خرَّ أسد الله حمزة أخذت هند تفتش عن قلب حمزة حتى احتزته ، ثم مضغته مبالغة فى التشفى والانتقام ..

ولما أسلمت هند وأسلم وحشى لم يزد الرسول على أنه استغفر لهند ، وقبِلَ إسلام وحشى وقال له: إن استطعت أن تعيش بعيداً عنا فافعل. هذا كل ما كان من معلم الإنسانية الخير مع قاتل عمه ومع ماضغة قلبه !!!

ورأى فى أحد حروبه امرأة من الأعداء مقتولة ، فغضب وأنكر وقال:
ألم أنهكم عن قتل النساء؟ ما كانت هذه لتُقتل.

ولما فتح مكة ودخلها الرسول ظافراً على رأس عشرة آلاف من أبطاله وجنوده، واستسلمت قريش ، ووقفت تحت قدميه أمام الكعبة ، تنتظر حكم الرسول عليها بعد أن قاومته 21 سنة ... ما زاد صلى الله عليه وسلم على أن قال: يا معشر قريش. ماذا تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا خيراً ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال اليوم أقول لكم ما قال أخى يوسف من قبل: لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء.
هذا هو محمد الرسول معلم الإنسانية الخير ، لا القائد السفاح الذى يسعى لمجده وسلطانه فتسكره نشوة النصر.

لقائد جيشه:
“لا تخونوا ولا تغلوا ولا ومن وصايا أبى بكر الصديق تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم فى الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له” وفى هذه الوصايا نهى صريح عن التمثيل بجثة أو تخريب للبيئة أو تدمير كل ما هو نافع للحياة.

وكذلك كان تصرف أمير المؤمنين علىُّ بن أبى طالب فقد كان يعطى الفرصة لإيضاح الأمر لدى الخصم والناس، وتقديم البينة على ذلك، فقد كان يدعوا خصمه إلى حكم الإسلام واستنفاذ كافة حججه بمناقشة مستفيضة من أجل إعطاءه فرصاً إضافية للرجوع عن الحرب)..

كما في معركة صفين حيث قال رضى الله عنه :
(والله ما دفعت الحرب يوماً إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة، فتهتدي بي وتعشوا إلى ضوئي..).
ومنها عدم البدء بالقتال فكان علىُِ رضى الله عنه يقول:
(لا تبدأوهم بقتال)، فكان(ع) يتمسك بذلك من أجل تلافي سفك الدماء وإعطاء الفرصة للخصم للتراجع عن مواقفه في الحرب، فقد أوصى(ع) إلى بعض قادته بقوله: (ولا تدن من القوم دنو من يريد أن ينشب الحرب).

نعم لقد كان رسول الله (ص) وأهل بيته وخلفاؤه حقاً يعطون أكثر مما يأخذون فكانوا الأساس في تطبيق الشريعة السمحاء بوجهها الأبيض الناصع، وذلك ما أخذت منه القوانين الدولية بعض مقرراتها وأنظمتها، ولكنها اليوم تحارب الإسلام وتعتبره نظاماً إرهابياً متخلفاً رغم ما يرونه أمام أعينهم وما عرفوه عن طريق مستشرقيهم وغيرهم، من كون الشريعة الإسلامية والقانون الإسلامي هو النظام السبيل الوحيد الذي يضمن لبني البشر العيش بطمأنينة وسلام ولا غير..

ولما فتح عمرو بن العاص بيت المقدس وأصر أسقفها أن يحضر الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه ليتسلم مفاتيح المدينة بعد أن فرَّ جيش الرومان هارباً .. ذهب عمر استجابة لرغبة هذا الأسقف (سيفرنيوص) وذهب لزيارته فى كنيسة القيامة – ولم يقتله ولم يبقر بطنه ولم يراهن على دلق أحشاءه بضربة سيف واحدة ولم يأكل لحوم أجسادهم وكما فعل الصليبيون فى الممالك السورية وكما فعل الصرب فى مسلمى البوسنة والهرسك ، ولم يحرم المدينة ويقتل كل من فيها من إنسان أو حيوان كما يدعى الكتاب المقدس أن هذا ما فعله أنبياء بنى إسرائيل - .. .. وعندما حان وقت صلاة الظهر .. خرج عمر من الكنيسة وصلى خارجها حتى لا يتوهم المسلمون فيما بعد بصلاته فى الكنيسة حقاً يؤدى إلى طرد المسيحيين منها.
ولما فتحت جيوشنا المدن السورية أبرموا معهم معاهدات الدفاع عنهم فى نظير أن يدفع الذمى الجزية وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، فلما اجتمع الروم لقتال المسلمين ، اجتمع المسلمون وخرجت الجيوش الإسلامية من المدن السورية للقاء العدو ، وجمع خالد بن الوليد أهل حمص وأبو عبيدة أهل دمشق وغيرهما من القادة أهل المدن الأخرى وقالوا لهم: إنا كنا قد أخذنا منكم أموالاً على إن نحميكم وندافع عنكم ، ونحن الآن خارجون عنكم لا نملك حمايتكم ، فهذه أموالكم نردها إليكم .. .. فقال أهل المدن: ردكم الله ونصركم. والله لو كانوا مكانكم لما دفعوا إلينا شيئاً أخذوه ، بل كانوا يأخذون معهم كل شىء يستطيعون حمله ..

هل سمعتم بجيش منتصر يخرج من البلد الذى فتحه ، لأن القائد المسلم لم يعطيهم مهلة الثلاثة أيام؟

إليكم أغرب حادثة فى تاريخ البشرية .. ..

لما ولى الخلافة عمر بن عبد العزيز ، وفدَ إليه قوم من أهل سمرقند ، فرفعوا إليه أن قتيبة قائد الجيش الإسلامى فيها دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين غدراً بغير حق. فكتب عمر إلى عامله هناك أن ينصب لهم قاضياً ينظر فيما ذكروا ، فإن فذى بإخراج المسلمين من سمرقند خرجوا.!
فنصب لهم الوالى “جميع بن حاضر الباجى” قاضياً ينظر شكواهم ، فحكم القاضى وهو مسلم بإخراج المسلمين .. على أن ينذرهم قائد الجيش الإسلامى بعد ذلك ، وينابذهم وفقاً لمبادىء الحرب الإسلامية ، حتى يكون أهل سمرقند على استعداد لقتال المسلمين فلا يؤخذوا بغتة.
فلما رأى أهل سمرقند ما لا مثيل له فى التاريخ من عدالة تنفذها الدولة على جيشها وقائدها .. قالوا: هذه أمة لا تحارب ، وإنما حكمها رحمة ونعمة ، فرضوا ببقاء الجيش الإسلامى ، وأقروا المسلمين أن يقيموا بين أظهرهم.

هل رأيتم فى تاريخ الدنيا كلها جيشاً يفتح مدينة ، فيشتكى المغلوبون للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر ويأمر بإخراجه ، ولا يدخلها بعد ذلك إلا بإقرار أهلها؟!!

أرأيتم فى التاريخ القديم والحديث حرباً يتقيد أصحابها بمبادىء الأخلاق والحق كما تقيد به جيش المسلمين؟ إن لا أعلم فى الدنيا كلها موقفاً مثل هذا لأمة من أمم الأرض ..

هل تعرفون ماذا فعل الصليبيون من فظائع فى القدس؟

يقول المؤرخ الراهبى روبرت: “كان قومنا يجوبون الشوارع والميادين وأسطح المنازل ليرووا غليلهم فى التقتيل ، وذلك كاللبؤات التى خطفت صغارها وكانوا يذبحون الأولاد والشبان والشيوخ ويقطعونهم إرباً إرباً ، وكانوا لا يشنقون أناساً كثيرين بحبل واحد بغية السرعة ، فياللعجب ويا للغرابة أن تذبح تلك الجماعة الكبيرة المسلحة بأمضى سلاح من غير أن تقاوم ، وكان قومنا يقبضون على كل شىء يجدونه ، فيبقرون بطون الموتى ليخرجوا منها قطعاً ذهبية ، فيا للشره وحب الذهب .. .. وكانت الدماء تسيل كالأنهار فى طرق المدينة المغطاة بالجثث .. .. ولم يكن بين تلك الجماعة الكبرى واحد ليرضى بالنصرانية ديناً ، ثم أحضر (بوهيموند) جميع الذين اعتقلهم فى برج القصر ، وأمر بضرب رقاب عجائزهم وشيوخهم وضعافهم وبسوق فتيانهم وكهولهم إلى أنطاكية لكى يباعوا فيها”

يقول المؤرخ ميشو فى كتابه “الحروب الصليبية” حين فتح الصليبيون معرة النعمان – أعظم مدن الشام – قد قتلوا جميع من فيها مِنَ المسلمين اللاجئين إلى الجوامع والمختبئين فى السراديب ، فأهلكوا أكثر من 000 100 مائة ألف إنسان .. وكانوا يكرهون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالى البروج والبيوت ، ويجعلونهم طعاماً للنار وكذلك لم ينج اليهود من مذابحهم ولم ينج منزل أو كتاب من الحرق ، فقد أحرقوا دار الحكمة فى طرابلس وكان فيها نحو 000 100 مائة ألف مجلد.

وهل تعرفون ماذا فعل المسلمون حين استردوا بيت المقدس على يد صلاح الدين؟

كان فى القدس حينما استعادها صلاح الدين من الصليبيين مائة ألف صليبى ، منهم ستون ألف راجلاً وفارساً ، إضافة إلى من تبعهم من النساء والأطفال ، فأبقى صلاح الدين على حياتهم ، واستوصى بهم خيراً ، وقرر فقهاؤه بضرب فدية عادلة ، وعجز بعضهم عن دفع الفدية ، فأدى الملك العادل أخو صلاح الدين فدية عن ألف صليبى ، واقتدى به صلاح الدين نفسه فأعفى كثيرين من الفدية ، وأغضى عن جواهر الصليبيين وذهبهم وفضتهم ، وعامل نساءهم معاملة كريمة ، وسهل السبيل لخروج ملكتين بما معهما من جواهر وأموال وخدم ، ورخص للبطريرك الأكبر أن يسير آمناً بأموال البيع والجوامع التى كان نهبها الصليبيون فى غزوهم . وعندما اعترض المسلمون على صلاح الدين بأن هذا البطريرك يقوى بما أخذ على حرب المسلمين ثانية ، قال: لا أغدر به.

ولما عقد الصلح بين المسلمين والصليبيين دخل خلق عظيم منهم إلى القدس فأكرمهم صلاح الدين وقدم لهم الأطعمة وباسطهم. وبذلك ألقى صلاح الدين على الصليبيين درساً فى مكارم الأخلاق وسماحة الإسلام.

من البديهى أن كل صاحب دين يُمجِّد فى دينه وفى سيرة الصالحين منهم.
فما دليلك التاريخى على صدق هذا الكلام؟

اعترف المؤرخ جوستاف لوبون بتسامح صلاح الدين وعدله وعطفه، فقال:وتم طرد الصليبيين من القدس على يد السلطان صلاح الدين الأيوبى، ولم يشأ صلاح الدين أن يفعل فى الصليبيين مثل ما فعله الأولون من ضروب التوحش فيبيد النصارى على بكرة أبيهم، فقد اكتفى بفرض جزية طفيفة عليهم مانعاً سلب شىء منهم.

وأشار المؤرخ (أيوركا) بما لقيه الصليبيون من حسن معاملة صلاح الدين لهم يوم فتح القدس ، فقال: لقد أظهر الجند المسلمون الذين رافقوا المطرودين من أهل الصليب شفقة مؤثرة ، ولا سيما على النساء والأطفال. ولا يوجد دليل على ذلك أكبر من تهديد صلاح الدين لأصحاب السفن من رعايا الجمهوريات الإيطالية لنقل هؤلاء البائسين من الصليبيين.

ولما علم صلاح الدين بمرض خصمه ريتشارد قلب الأسد، وبأنه فى حاجة إلى بعض الفاكهة والثلج ، فبعث إليه صلاح الدين بحاجته ، وأرفقها بالدواء والشراب، ولم يكد ريتشارد يشفى من مرضه حتى عاد مرة أخرى إلى قتال صلاح الدين ..!!!

ويتعجب القس (أودوا الدويلى) – أحد رهبان القديس دينيس والذى كان يشغل وظيفة قسيس خاص للويس السابع وصحبه فى الحملة الصليبية الثانية – من تعصب وجفاء وقسوة قلب الصليبيين بين أنفسهم ، فقال: “بينما كان الصليبيون يحاولون شق طريقهم براً عن طريق آسيا الصغرى إلى بيت المقدس ، منوا بهزيمة فادحة على أيدى الترك فى ممرات فريجيا الجبلية عام 1148 ، وبلغوا مدينة أتاليا الساحلية بشق الأنفس ، وهنا تمكَّنَ جميع الذين استطاعوا أن يرضوا المطالب الفادحة التى كان يفرضها عليهم تجار الإغريق من الإبحار إلى أنطاكية ، بينما خلفوا وراءهم المرضى والجرحى وعامة الحجاج تحت رحمة الخونة من حلفائهم الإغريق ، الذين أخذوا مبلغ خمسمائة مارك من لويس شريطة أن يمدوا الحجيج بقوة من الحرس ، وأن يعنوا بالمرضى حتى يصبحوا من القوة بحيث يمكن إرسالهم ليلحقوا بزملائهم.

ولكن لم يكد الجيش يغادر المكان حتى أخبر الإغريق الترك بموقف الحجيج الأعزل ، وراقبوا فى صمت ما أصاب هؤلاء التعساء من المجاعة والمرض وسهام العدو التى جرت عليهم الدمار والخراب وهم فى طريقهم إلى معسكرهم.

ولما وصل الترك المعسكر الذى يتجمع فيه هؤلاء الصليبيين وهجموا عليه، وحاولت جماعة منهم تبلغ ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أن تلوذ بالفرار بدافع اليأس، ولكن الترك هجموا عليهم ومزقوهم شرَّ ممزق . أما الضعفاء والمرضى فقد لاقوا أفضل معاملة إنسانية ، فقد واسوا المرضى ، وأغاثوا الفقير والجائع الذى أشرف على الهلاك ، وبذلوا لهم العطاء فى كرم وسخاء ، حتى إن بعضهم اشترى النقود الفرنسية التى ابتزها الإغريق من الحجاج بالقوة أو بالخداع ، ووزعوها بسخاء بين المعوزين منهم ، فكان البون شاسعاً بين المعاملة الرحيمة التى لقيها الحجاج من الكفار (يعنى المسلمين) وبين ما عانوه من قسوة إخوانهم المسيحيين من الإغريق الذين فرضوا عليهم السخرة وضربوهم ولبتزوا منهم ما ترك لهم من متاع قليل .. حتى إن كثير منهم دخلوا فى دين منقذيهم بمحض إرادتهم.”

وفى ذلك يقول المؤرخ: “لقد جفوا إخوانهم فى الدين الذين كانوا قساة عليهم، ووجدوا الأمان بين الكفار (المسلمين) الذين كانوا رحماء عليهم! ولقد بلغنا أن أكثر من ثلاثة آلاف قد انضموا بعد أن تقهقروا إلى صفوف الأتراك ، آه ، إنها لرحمة أقسى من الغدر .. لقد منحوهم الخبز ولكنهم سلبوهم عقيدتهم ، ولو أن من المؤكد أنهم لم يُكرِهوا أحداً من بينهم على نبذ دينه، وإنما اكتفوا بما قدموا لهم من مساعدة .. ومن رحمة افتقدوها عند إخوانهم فى العقيدة ..!!”

من الأمثلة الأخرى على صدق هذا الكلام ما يحكيه أحد المشاركين فى هذه الحرب لحفيدته: لقد تعرضت الكتيبة الأسترالية النيوزيلاندية “أنزاك” فى الحرب العالمية الأولى لمأساة رهيبة سقط بسببها ألوف القتلى والجرحى ، وكان الجنود المسلمين يجودون بأطعمتهم ودوائهم لعلاج المصابين فى هذه المعركة .. حتى الأتراك الذين تصفهم الكتب والمراجع بالفظاظة والقسوة .. كانوا أكثر رحمة من البريطانيين الذين تخلوا عن الجنود الأستراليين والنيوزيلانديين فى هذه المحنة.

هل تعرف أن الوحوش لا تفترس إلا فى حالة الضرورة .. أما أن يكون ذلك على أيدى بشر .. ومن رجال دين يُفتَرَض فيهم الرحمة والعدل .. ومن بابوات وكهنة ينتسبون إلى السيد المسيح (عليه السلام) فهذا يكاد لايصدقه عقل!!!

إن جوهر المشكلة عند النصارى هو النصوص والكتب التى يعدونها مقدسة ويطبقون ما فيها من وحشية وقسوة، ألم يذكر الكتاب المقدس هذه النصوص لهؤلاء الأنبياء الذين أرسلهم الله هدى وبشرى ورحمة لنقتدى بهم؟
: وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. (يشوع 6: 21 - 24)
وَسَقَطُوا جَمِيعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً, جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْحَرْبَةِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. (يشوع 8: 25 – 27)
11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. (يشوع 11: 11)
34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. (متى 10: 34-40)
27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي». (لوقا 19: 27)


إن المشكلة مشكلة هذا الكتاب الذى أفسد سيرة الصالحين من الأنبياء والمرسلين وجعلهم زعماء عصابات مسلحة سفاكى دماء زناة عابدين للأوثان والأصنام من دون الله، ثم ينسبون هذا الهراء لله وحاشاه.

إن مشكلة هذا الكتاب هى القضاء على كل فضيلة ، هو محاربة الله ورسله ، كما لو كان الكتاب ينطق ويقول لله: إذا كنت تريد سلاماً وصلاحاً على الأرض فلن ندعك تفعل ذلك ، وإذا أرسلت نبياً أو رسولاً فسنشوه صورته ونجعله يبدو أمام الناس من أحط البشر وأكثرهم سعياً وراء الفساد. فاقرأوا ما يقوله الكتاب المقدس عن صفوة البشر – أنبياء الله!

اقرأ نبى الله يعقوب ينهب ويسرق
: 27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. (يشوع 8: 27)

اقرأ نبى الله يعقوب يكذب على أبيه ويسرق البركة والنبوة من أخيه : الأصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين

اقرأ زنا نبى الله لوط بابنتيه
: 30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ. (تكوين 19: 30 – 38)

اقرأ: نبى الله إبراهيم لا يخشى الله ويضحى بشرفه وشرف زوجته سارة خوفاً على نفسه من القتل ولتحقيق مكاسب دنيوية، ويأمر زوجته بالكذب:
“11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ. (تكوين 12: 11-16)

اقرأ: الكتاب المقدس يأمر بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين عند خروجهم من مصر
: 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ. (خروج 3: 22 وأيضاً خروج 12: 35 – 36)

اقرأ ندم الرب على أنه جعل شاول ملكاً لأنه لم يقتل البهائم كما قتل الشعب كله
: 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً». ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي». (صموئيل الأول 15: 3 – 11)

سارة تكذب على الله:
“فضحكت سارة فى باطنها ... فقال الرب لإبراهيم لماذا ضحكت سارة ... فأنكرت سارة قائلة لم أضحك. لأنها خافت. فقال لا بل ضحكت.” (تكوين 18: 12 -15)

اقرأ الكتاب المقدس يعلمك كيف يزنى الأخ بأخته: اقرأ سيناريو هذا الفيلم فى الأصحاح الثالث عشر من سفر صموئيل الثانى:

اقرأ زنا نبى الله داوود عليه السلام بجارته “امرأة أوريا” وخيانته العظمى للتخلص من زوجها: الأصحاح الحادى عشر من سفر صموئيل الثانى!!!

اقرأ نبى الله سليمان يعبد الأوثان
: 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. (الملوك الأول 11: 9 – 10)

اقرأ الابن الأصغر “أخزيا” أكبر من أبيه “يهورام” بسنتين!!!
“20كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ ..” (أخبار الأيام الثانى 21: 20)
“وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاً عَنْهُ ... 2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ ..” (أخبار الأيام الثانى 22: 1 - 2)

الكتاب المقدس لا يعرف الفرق بين الله والشيطان!!
“1وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا».” (صموئيل الثانى 24: 1) “1وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ.” (أخبار الأيام الأول 21: 1)

اقرأ الكتاب المقدس يدعى أن الله أمر نبيه حزقيال وبنى اسرائيل بأكل الخراء:
“12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ».” (حزقيال 4: 12-13)

اقرأ اعتراف لوقا بوجود أناجيل عديدة وقصص كثيرة فى أمور يقينية:
“1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.” (لوقا 1: 1-4) رسالة شخصية ادعوا أنها من وحى الله!!!

اقرأ بولس حرَّف تعاليم عيسى وعلَّم قومه الإرتداد عن أوامر الله: “وَقَالُوا لَهُ
: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ.” (أعمال الرسل 21: 21) لذلك لم يتركه التلاميذ يختلط بالشعب حتى لا يفسد دينهم إلى أن تمكن من تحقيق مخططه الصهيونى: “30وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ.” (أعمال الرسل 19: 30)

اقرأ بولس يُدلى برأيه الخاص ويضعه ضمن كلمات الله الموحى بها!!
“25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً.” (كورنثوس الأولى 7: 25)

اقرأ رسائل بولس الشخصية أصبحت من وحى الله:
“11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. 14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُوراً كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. 15فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضاً لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدّاً. … 19سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ. 20أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ. وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضاً. 21بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ وَكَلاَفَِدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعاً.” (تيوثاوس الثانية 4: 11-21)
“3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ ... سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي ... 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ ... 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ ...وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. ... 11سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيراً فِي الرَّبِّ. 13سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ ...14سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ وَفِلِيغُونَ وَهَرْمَاسَ وَبَتْرُوبَاسَ وَهَرْمِيسَ وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 15سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ وَأُولُمْبَاسَ وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 16سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. 21يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ. (كُتِبَتْ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ مِنْ كُورِنْثُوسَ عَلَى يَدِ فِيبِي خَادِمَةِ كَنِيسَةِ كَنْخَرِيَا) (رومية 16: 3 – 27)


اقرأ بولس وأتباعه يدينون (يحاكمون) الملائكة!!!
“3أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هَذِهِ الْحَيَاةِ!” (كورنثوس الأولى 6: 3)
اقرأ صدق الله يزداد بكذب بولس!!! “7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟” (رومية 3: 7)


و لننظر بعضا من التاريخ الأسود للكنيسة مع النصارى أنفسهم …

فى القرن الرابع الميلادى عارض آريوس القول بالوهية المسيح ….

ماذا كان رد الفعل ؟؟؟!!!!

إدانة أريوس و احراق كتاباته و تحريم اقتنائها و اعدام كل من أخفى هذه الكتابات

ثم فى عهد تيودوسيوس ظهرت محاكم التفتيش التى تم تنظيمها فيما بعد فى القرن الثانى عشر و كان أعضاؤها من الرهبان …

ماذا كانت وظيفتهم ؟؟؟!!!

إنها اكتشاف المخالفين فى العقيدة …

و ما أدراكم بما يحدث لمن يتم اكتشافه ….!!!

وعلى يد أولئك الرهبان قتل وحرق وعذب الآلاف لأنهم فى نظر الكنيسة هراطقة!!!

و من أشهر ضحايا هذه الأساليب بنيامين كبير أساقفة مصر الذى قاموا بتسليط الشموع على جسده و خلعوا أسنانه ثم رموا بجسده الملتهب بعد أن صهروا دهون جسده فى المياه المالحة. وقد أحيق به هذا فقط لرفضه الخضوع لقرارات مجمع خلقدونية الذى قال بأن للمسيح طبيعتين …. فما بالكم لو كان مسلماً؟!!

ثم من أشهر المذابح بين النصارى و فرقهم المختلفه التى تكفر كل منهم الاخرى :

قتل الكاثوليك ما يزيد عن 000 230 بروتستانتى حرقا بالنار فى ممالك أوروبا .. و فى فرنسا قتل فى يوم واحد 000 30 بروتستانتى

و فى كالابريا الايطالية قتل مئات الالوف عام 1560 م و قتل كارلوس الخامس 000 500 بروتستانتى بأمر البابا

ثم قتل ابنه فيلبس 000 36 ثم انتقم منهم البروتستانت …… اصدروا هذه القوانين :

1) لا يرث كاثوليكى تركة ابواه
2) الكاثوليكى يدفع ضعف الخراج
3) لا يعمل الكاثوليك بالتعليم
4) من يرسل ابنه منهم للتعليم خارج بريطانيا يقتل هو وولده
5) لا يعطى لهم منصب فى الدولة

هذا بعض من مجموعة كبيرة من القوانين التى صدرت ضد الكاثوليك فى بريطانيا … فكان البروتستانت يقتلون علماء الكاثوليك و يحرقون كنائسهم.
فهذا بعض من كل هذا التاريخ الدموى القذر لديانة ينسبونها لله … !!!

أ
ما عن أسباب التفرقة العنصرية فيقول: أبو جهاد موقع البوابة

18) وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. وحام هو أبو كنعان.
19) هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح. ومن هؤلاء تشعبت كل الارض
20) وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما.
21) وشرب من الخمر فسكر وتعرّى داخل خبائه.
22) فابصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجا.
23) فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما.
24) فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير.
25) فقال ملعون كنعان.عبد العبيد يكون لاخوته.
26) وقال مبارك الرب اله سام. وليكن كنعان عبدا لهم.
27) ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام. وليكن كنعان عبدا لهم)

فكتاب الصليبيين لا يكتفى بوصف نبى الله نوح بشرب الخمر و التعرى فقط !!! بل كان له أن يسير على نفس النهج من التعصب والتطرف وأيضاً التفرقة العنصرية ضد السود ...

هل فهمنا الآن سر العداوة العنصرية التى شنها البيض الأوربيون ضد السود الأفارقة ؟؟!!

إنه الكتاب الذى يسمونه مقدسا !!!!

هل تعلمون أن هذا النص المنحرف كان ضمن دستور حكومة جنوب افريقيا العنصرية؟؟

وهذه البشاعة غير الآدمية تجدها أيضاً قد تمثلت فى الإبادة السوفيتية لشعبى التركستان الغربية والشرقية حيث تناقص عددهم من 44 مليوناً من المسلمين إلى 26 مليوناً فقط.

يوضح لنا أحد من نجا من هذه المذابح الأستاذ (عيسى يوسف آلب تكين) فى كتابه “المسلمون وراء الستار الحديدى” عن صور من التعذيب والقتل ... منها:

1- دق مسامير طويلة فى الرأس حتى تصل إلى المخ.
2- إحراق المسجون بعد صب البترول عليه وإشعال النار فيه.
3- جعل المسجون هدفاً لرصاص الجنود يتمرنون عليه.
4- حبس المسجونين فى سجون لا ينفذ إليها هواء ولا نور ، وتجويعهم إلى أن يموتوا.
5- وضع خوذات معدنية على الرأس وإمرار التيار الكهربائى فيها.
6- ربط الرأس فى طرف آلة ميكانيكية وباقى الجسم فى ماكينة أخرى ، ثم تُدار كل من الماكينتين فى اتجاهات متضادة ، فتعمل كل واحدة مقتربة من أختها حيناً ومبتعدة حيناً آخر حتى يتمدد الجزء من الجسم الذى بين الآلتين ، فإما أن يُقر المعذب أو أن يموت.
7- كىُّ كل عضو من أعضاء الجسم بقطعة من الحديد مسخنة إلى درجة الإحمرار.
8- صبُّ زيت مغلى على جسم المعذَّب.
9- دق مسمار حديدى أو إبر الجراموفون فى الجسم.
10- تسمير الأظافر بمسمار حديدى يخرج من الجانب الآخر.
11- ربط المسجون على سرير ربطاً محكماً ثم تركه لأيام عديدة.
12- إجبار المسجون على أن ينام عارياً فوق قطعة من الثلج أيام الشتاء.
13- نتف كتل من شعر الرأس بعنف ، مما يسبب اقتلاع جزء من جلد الرأس.
14- تمشيط جسم المسجون بأمشاط حديدية حادة.
15- صب المواد الحارقة والكاوية فى فم المسجونين وأنوفهم وعيونهم بعد ربطهم ربطاً محكماً.
16- وضع صخرة على ظهر المسجون بعد أن توثق يداه إلى ظهره.
17- ربط يدى المسجون وتعليقه بهما إلى السقف وتركه ليلة كاملة أو أكثر.
18- ضرب أجزاء الجسم بعصا فيها مسامير حادة.
19- ضرب الجسم بالكرباج حتى يُدميه ، ثم يقطع الجسم إلى قطع بالسيف أو بالسكين.
20- إحداث ثقب فى الجسم وإدخال حبل ذى عقد واستعماله بعد يومين كمنشار لتقطيع قطع من أطراف الجرح المتآكل.
21- ولكى يضمنوا أن يظل المسجون واقفاً على قدميه طويلاً ، يلجأون إلى تسمير أذنيه فى الجدار.
22- خياطة أصابع اليدين والرجلين وشبك بعضهما إلى بعض.
23- وضع المسجون فى برميل مملوء بالماء فى فصل الشتاء.
24- أما بالنسبة لما كانوا يحدثونه بالنساء فحدِّث ولا حرج.

ما معنى الجزية؟ وعلى من تجوز؟ وما السبب فى فرضها؟ ومتى تسقط؟ وما مقدارها؟

الجزية هى ضريبة سنوية على الرأس ، تتمثل فى قدر زهيد من المال يفرض على الرجال البالغين القادرين من الرجال على حسب ثرواتهم ، أما الفقراء فمعفون منها إعفاءً تاماً. قال تعالى “لايكلفُ اللهُ نفساً إلا ما آتاها”.

فلا تجب على امرأة أو صبى أو الشيخ الكبير والأعمى والزمن والمعتوه وكل من ليس أهلاً لحمل السلاح ، كذلك لا جزية على الراهب المنقطع للعبادة فى صومعته لأنه ليس من أهل القتال ، وهذا من سماحة الإسلام.

قال تعالى فى سورة التوبة (29)
“قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرَّمَ الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون”.

ومعنى الصغار هنا التسليم وإلقاء السلاح والخضوع لحكم الدولة الإسلامية. وهى فضلاً عن كونها علامة خضوع للحكم الإسلامى ، إلا أنها أيضاً بمثابة البدل المالى الذى يُدفع بدلاً من أداء الخدمة العسكرية.

وقد أوجب الإسلام على المواطنين من غير المسلمين أن يسهموا فى نفقات الدفاع والحماية للوطن عن طريق ما عرف فى المصطلح الإسلامى باسم “الجزية”.

وليس للجزية حد معين ، وإنما يرجع إلى تقدير الإمام الذى عليه أن يراعى طاقات الدافعين ولا يرهقهم ، كما عليه أن يراعى المصلحة العامة للأمة.
وتسقط الجزية أيضاً باشتراك أهل الذمة مع المسلمين فى القتال والدفاع عن دار الإسلام. وفُرِضَت على المسلمين فى عهد عمرو بن العاص الذين لم يريدوا الإشتراك فى القتال.

وتسقط الجزية وتُرَدّ أيضاً إلى أهلها عند عدم تمكُّن المسلمين من الدفاع عنهم ، فقد ردَّ أبو عبيدة الجزية إلى مدن الشام قائلاً: “إنما رددنا عليكم أموالكم ، لأنه قد بلغنا ما جُمِعَ لنا من الجموع ، وإنَّكم اشترطتم علينا أن نمنعكم (أى نحميكم) ، وإنا لا نقدر على ذلك ، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ، ونحن لكم على الشروط ، وما كتبنا بيننا وبينكم ، إن نصرنا الله عليهم”.

تسقط الجزية أيضاً عن من أصبح فقيراً ولم يجد ما يسدد به هذه الضريبة ، بل على خزانة الدولة الإسلامية فى هذه الحالة أن تعينه وتعطيه ما يكسو بدنه صيفاً وشتاءً ، وما يكفيه للطعام والشراب والعلاج وأجرة الطبيب وأجرة خادم منقطع ، وكذلك دفع الضرر عنهم بفك أسرهم.

تنقص هذه الضريبة تبعاً لهبوط الفيضان أو لما تخرجه الأرض ، كما أنها كان من الممكن تقسيطها ، مثل ما حدث فى مصر ، فقد كانت تقسط على ثلاثة أقساط ، وكانت تدفع نقداً أو عيناً ، لكن لا يُسمح بتقديم الميتة أو الخنزير أو الخمر ، لأن هذا ليس مال عند المسلمين ، وهى من المحرمات ، ولا يجوز للمسلمين أن يمنعوا تجارة صادرة أو واردة ، كما يجب على المسلمين – لقاء هذه الضريبة – أن يمنعوا أىّ غزو على البلد.

وحدث فى مصر لما طارد العرب فلول الرومان المنهزمين واستولوا على ما بأيديهم من أموال جاء كثير من الأقباط يشكون أن هذه الأموال لهم قد أخذها منهم الرومان قهراً ، فردَّ العرب عليهم ما أقاموا البينة على أنه ملكهم.

وعندما جمع الرومان مرة أخرى وجاءوا لغزو مصر طلب المصريين من عمر بن الخطاب أن يعيد تولية عمرو بن العاص عليهم مرة أخرى لأنه أجدر الناس فى رأيهم لمحاربة الرومان، فتولى عمرو بن العاص ورأى أن يسحب الجيش الرومانى وراءه بعيداً عن الأسكندرية حتى يبعده عن أية امداد قد تصله عن طريق البحر ، وتوغل عمرو فى الجنوب وتبعه الجيش الرومان يقتل ويحرق ويدمر كل ما يجده فى طريقه. وبعد أن انتصر عليه عمرو جاءه أقباط مصر يُذكِّرونه بما عليه من واجبات – يقصدون حمايتهم وحماية ممتلكاتهم – فدفع لهم ثمن ما أتلفه الرومان.

يقول القرآن
: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوالا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ . (المائدة الآية 51)

وَإِذَالقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا . (محمد الآية 4)

لا يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِيِنَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنين ..(آل عمران: 28)


ونحن نسأل: ما هي نتيجة هذه النصيحة القرآنية إلا الإنكفاء على الذات؟ وكيف يوفِّق المسلم بين الزواج من كتابية تربي عياله وتتولى أمور بيته وبين هذه الآية المنغلقة الفكر؟ ما أكثر الكفاءات التي أُهدرت بسبب التفرقة الدينية! إنها تقوّض روح التآخي بين شعوب الأرض وتعطل تقدم المسلمين!


وبمعنى آخر: لما كان رسولكم ( ) محمدٌ بمكة كان يسالم جميع الناس ويحترم اليهود والنصارى والصابئين، ويقول إن لهم الجنة
(سورة المائدة 69) [يقصد الآية: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى مَنْ ءامن بالله واليومِ الأخر وعمِلَ صالحاً فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون]. ولكن لما اشتدّ ساعده في المدينة بالأنصار أمر بقتل جميع غير المسلمين، أو يدفعوا الجزية أو يدخلوا الإسلام. وهذا يعني الاقتصار على الأخوّة الإسلامية وهدم أركان الأخوة العامة وقطع أواصر المحبة وحسن المعاملة بين طبقات البشر، ولهذا حرم المسلمون الاستيطان في كل بلاد الحجاز على كل غير مسلم.
 وبمعنى ثالث: وما هو موقف المسلمين من غير المسلمين الذين يعيشون معهم؟

إن الإسلام لم يقم بتة على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم أو المساس الجائر لأموالهم وأعراضهم ودمائهم.
الآيات المذكورة لا صلة لها البتة بالموضوع الذى طرِحَ فيه السؤال ، فهى جميعاً واردة فى المعتدين على الإسلام والمحاربين لأهله وتنفير أفراد الأمة من معاونة خصومها واجب يتجدد فى كل عصر.

فإذا ما أصدرت الدولة قانوناً يحرم التعاون مع دولة أجنبية ما ، فليس معنى هذا أن مصر تكن البغضاء للعالم أجمع! أو أنها تشترى خصومته من غير مبرر.

إن الآيات نزلت تطهيراً للمجتمع الإسلامى من ألاعيب المنافقين ، ومن مؤامراتهم التى تدبر فى الخفاء لمساعدة فريق معين من أهل الكتاب أعلنوا على المسلمين حرباً شعواء ، واشتبكوا مع الدين الجديد فى قتال هو بالنسبة له قتال حياة أو موت.

أولاً: فاليهود والنصارى فى هذه الآية يحاربون المسلمين فعلاً ، وقد بلغوا فى حربهم منزلة من القوة جعلت ضعاف الإيمان يفكرون فى التحبب إليهم ، فنزلت هذه الآية ونزل معها ما يفضح نوايا المتخاذلين فى الدفاع عن الدين الذى انتسبوا إليه
( فترى الذينَ فى قلوبِهم مَرضٌ يُسارِعونَ فِيهِم يَقولونَ نَخشى أن تُصِيبَنَا دائرةٌ فَعسَى اللهُ أن يأتىَ بالفتْح أو أمْرٍ مِن عِنده فيُصبِحوا على ما أسرُّوا فى أنفسِهم نَادِمين).

ثم تستطرد الآيات فى توصية المؤمنين بتدعيم صفوفهم أمام المتربصين والمتهجمين تطالبهم بمقاطعة المحاربين للإسلام من أهل الكتاب مسوغة هذه المقاطعة بأنها رد عدوان:
(يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوالا تَتَّخِذُوا الذين اتخذوا دينَكُم هُزُواً ولعباً مِنَ الذين أُتُوا الكتابَ مِنْ قبلِكُم والْكُفَّارَ أولياء واتقوا اللهَ إنَّ كُنتُم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتَّخذوها هُزُواً ولعباً) فهل هناك ضير على دين ما إذا منع أتباعه من مصادقة الذين يتهكمون بتعاليمه ، ويسخرون من شعائره؟

ثانياً: أما قوله تعالى:
(كيف وإنْ يَظهروا عليكم لا يَرقُبوا فيكم إلاَّ ولا ذمةً) فالآية قبلها مباشرة تشرحها: (كيف يكونُ للمشركين عهدٌ عِندَ اللهِ وعندَ رسولهِ إلاَّ الذينَ عاهدْتُم عندَ المسجِدِ الحرامِ – فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) فالمعنى البيِّن يؤكد أن المقصود بالآية هم الوثنيون المهاجمون للإسلام ، الناكثون بعهودهم معه ، فالكلام وارد فى المشركين الناقضين للعهود.

ثالثاً:
(لا يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِيِنَ أَوْلِيَاءَ) .. ثم قوله (إلا أن تتقوا منهم تُقاة) فيه إشارة بينة إلى أن الكلام قيل فى حالة حرب يُطارَد فيها المؤمنون.
انظر إلى أقوال الرسول "من قتل رجلاً من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما ".

“من ظلم معاهداً ، أو انتقصه حقه ، أو كلفه فوق طاقته ، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه ، فأنا حجيجه يوم القيامة”.

“من آذى ذميَّاً فقد آذانى ، ومن آذانى فقد آذى الله”.

“من آذى ذمياً فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة”.


وعلى بن أبى طالب – رضى الله عنه – يقول:
“إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا”.

وكان عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة ، خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليه بأذى، فيقولون له: “ما نعلم إلا وفاء”. أى وفاء بالعهد الذى أبرِمَ بين الطرفين.

مرَّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه على قوم قد أقيموا فى الشمس فى بعض أرض الشام ، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقيل له: إنهم أقيموا فى الجزية! فكره ذلك، وقال: (هم وما يعتذرون به، فقالوا: يقولون: لا نجد. قال دعوهم ، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون ، ثم أمر بهم فخلى سبيلهم).

وحدث أن مرَّ عمر بباب قوم وعليه سائل يسأل، وكان شيخاً ضرير البصر ، فسأله عمر: من أى أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودىّ. فقال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن. فأخذ عمر بيده ، وذهب به إلى منزله وأعطاه مما وجده ثم أرسل به إلى خازن بيت المال وقال له انظر هذا وضرباءه ، فوالله ما أنصفناه إذ أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم.
(إنما الصدقات للفقراء والمساكين - التوبة 60). والفقراء هم الفقراء المسلمون ، وهذا من المساكين من أهل الكتاب ثم وضع عنه الجزية.

وإليك نص المعاهدة التى أمضاها عمر بن الخطاب مع (صفرنيوس) أسقف بيت المقدس كنموذج لموقفه مع المسيحيين: “بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل “إلياء” من الأمان.

أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ، ولكنائسهم وصلبانهم ، وسقيمها وبريئها ، وسائر ملتها، أنه لا تُسكَن كنائسهم ، ولا تُهدَم ، ولا تُنتَقص منها ولا من حيزها ، ولا من صليبها ، ولا من شىء من أموالهم ، ولا يُكرَهون على دينهم ، ولا يُضار أحد منهم ، وى يسكن بإلياء معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن ، وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمِن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم. ومن أقام منهم فهو آمِن وعليه مثل ما على أهل إلياء من الجزية.

ومن أحب من أهل إلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ، ويخلى بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم. ومن كان بها من أهل الأرض مما شاء منهم قعد ، وعليه مثل ما على أهل “إلياء” من الجزية. ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله. وأنه لا يُؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله ، وذمة الخلفاء ، وذمة المؤمنين ، إذا أعطوا الذى عليهم من الجزية.”

أما العهد الذى نُسِبَ لعمر بن الخطاب رضى الله عنه افتراءً ، استهجنه بل رفض صحته المحللون المعتدلون مثل الدكتور ا. س. ترتون فى كتابه “أهل الذمة فى الإسلام”: ويمنع هذا العهد النصارى من إقامة بيت عبادة أو صومعة وألا يُجدَّد ما تخرَّبَ من كنيسة أو دير ، وألا يمنعوا المسلمين من كنائسهم أن ينزلوا بها ويُطعَمونَ فيها ثلاث ليالٍ ، وألا يعلموا أولادهم القرآن ..

وفى عهد خالد بن الوليد لأهل عانات: “ ... ولهم أن يضربوا نواقيسهم فى أى ساعة شاؤوا من ليل أو نهار ، إلا فى أوقات الصلاة ، وأن يخرجوا الصلبان فى أيام عيدهم”.

وقد أجاز بعض فقهاء المسلمين لأهل الذمة إنشاء الكنائس والبيع وغيرها من المعابد فى الأمصار الإسلامية ، وكذلك فى البلاد التى فتحها المسلمون بحد السيف ، إذا أذن لهم إمام المسلمين بذلك ، بناء على مصلحة رآها. ما دام الإسلام يقرهم على عقائدهم.

ففى القرن الأول الهجرى بنيت فى مصر عدة كنائس مثل كنيسة “مارمرقص” بالأسكندرية ما بين عامى 39 و56 هـ. كما بنيت أول كنيسة بالفسطاط فى حارة الروم ، فى ولاية مسلمة بن مخلد على مصر بين عامى 47 و 68 هـ. كما سمح عبد العزيز بن مروان حين أنشأ مدينة حلوان بناء كنيسة فيها ، وسمح كذلك لبعض الأساقفة ببناء ديرين.

إن رعاية الحق وإقامة العدل هما من أساس الصلة التى ينشئها الإسلام مع أبناء الديانات الأخرى.

ويقول بن حزم فى كتابه (الفروق): “إن من كان فى الذمة ، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ، ونموت ). دون ذلك ، صونا لمن هو فى ذمة الله تعالى وذمة رسوله ( ومن المواقف التطبيقية لهذا المبأ الإسلامى هو موقف شيخ الإسلام ابن تيمية ، حينما تغلب التتار على الشام ، وذهب الشيخ ليكلم “قطلو شاه” فى إطلاق الأسرى ، فسمح القائد التترى للشيخ باطلاق أسرى المسلمين ، وأبى أن يسمح له باطلاق أهل الذمة ، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسرى من اليهود والنصارى فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً ، لا من أهل الذمة ، ولا من أهل الملة. فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.

ويرى أبو حنيف ومالك والليث والشعبى وغيرهم – لم يعرض فى ذلك : إلا الشافعى وأحمد – أنه إذا قتل مسلمٌ ذمياً غيلة يقتل به لما رواه النبى “إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا”. وروىَ أن النبى قتل مسلماً بمعاهد ، وقال
“أنا أكرم من وفَّى بذمته”.

وروى أن علياً رضى الله عنه أتى برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمة ، فقامت عليه البينة ، فأمر بقتله ، فجاء أخو المقتول وعفا عن القاتل وقبل الديَّة عوضاً عن أخيه.

وكذلك فعل الخليفة عُمَر بن عبد العزيز ، فقد أمر بقتل مسلم كان قد قتل معاهداً. ولهذا تُقطع يد المسلم إذا سرق مال الذمى ، حتى لو كان هذا المال خمر أو خنزير.

أما قوله ( )
“لا يُقتل مسلم بكافر” فالمراد به الكافر وقت الحرب ولا يكون داخلاً فى عهد أو فى ذمة المسلمين.

وقد كانت هذه هى سنة الخلفاء الراشدين من بعد. ففى عقد الذمَّة الذى كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق ، وكانوا من النصارى: “وجعلت لهم: أيَّما شيخ ضعف عن العمل ، أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنياً فافتقر ، وصار أهل دينه يتصدقون عليه ، طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله”. وكان هذا فى عهد أبى بكر الصديق ، وبحضرة عدد كبير من الصحابة ، وقد كتب خالد به إلى الصديق ولم ينكر عليه أحد. ومثل هذا يُعد اجماعاً.

وانظر إلى ما يقوله أئمة الفقه الإسلامى: إن أنكحة غير المسلمين لها أحكام الصحة. لم؟ لأننا أُمِرنا بتركهم وما يدينون.

ويبلغ من احترام الحرية الدينية عند المسلمين أن يقبلوا زواج المجوسى (الكافر - عابد النار) من ابنته ما دامت شريعته تبيح له ذلك ... ولو مات عن ابنته بعد أن أولدها بنتاً فلهما الثلثان.

ومعاملة الإسلام لمن لا يدينون به من أهل الذمة قامت منذ العصر الأول على قاعدة أصيلة لم يُثَر حولها النقاش كمبدأ مشروع ، ولم يضطرب تطبيقها على توالى الأزمنة ، إلا فلتات شاذة لا يجوز الاكتراث بها أو الإلتفات إليها. هذه القاعدة هى: “لهم ما لنا وعليهم ما علينا”.

ففى الواقع إن الإسلام ينظر إلى من عاهدهم من اليهود والنصارى على أنهم قد أصبحوا من الناحية السياسية أو الجنسية مسلمين ، فيما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ، وإن بقوا من الناحية الشخصية على عقائدهم ، وعباداتهم ، وأحوالهم الشخصية.

ومن ثمَّ فهو يقيم نظمه الاجتماعية على أساس الاختلاط والمشاركة. ولا يرى حرجاً من أن يشتغل مسلم عند أهل الكتاب ، أو يشتغل أهل الكتاب عند مسلم.

روى الطبرانى عن كعب بن عجرة أنه اشتغل عند يهودى ، فسقى له إبله كل دلو بتمرة ، وأخبر النبى بذلك فما أنكر عليه شيئاً.

وروى أبو يعلى مثل ذلك عن على بن أبى طالب.

وقد استخدم النبى فى هجرته قائداً مشركاً.

ولما فتح المسلمون الأوائل أقطار الدنيا المعروفة يومئذ أبقوا الموظفين فى أعمالهم الأولى ، فلم يكرهوا أحداً منهم على الإسلام ، ولم يفصلوا رجلاً عن عمله بكفران.

وقد تولى الوزارة فى زمن العباسيين بعض النصارى أكثر من مرة ، منهم نصر بن هارون عام 369هـ ، وعيسى بن نسطورس عام 380هـ.
وقبل ذلك كان لمعاوية بن أبى سفيان كاتب نصرانى اسمه سرجون.

وقد قال المؤرخ الغربى آدم ميتز فى كتابه (الحضارة الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى): “من الأمور التى نعجب لها كثرة عدد العمال (الولاة وكبار الموظفين) والمتصرفين غير المسلمين فى الدولة الإسلامية ، فكان النصارى هم الذين يحكمون المسلمين فى بلاد الإسلام ، والشكوى من تحكيم أهل الذمة فى أمصار المسلمين شكوى قديمة.

وقد أسرف الحكام المسلمين فى استخدام أبناء الديانات الأخرى واستغلوا سماحة الإسلام فى معاملته لأهل الذمة استغلالاً جعل أحد الشعراء يقول – مندداً بعلو المنزلة التى وصل إليها اليهود:

يهود هذا الزمان قد بلغوا غاية آمالهم وقد ملكوا العز فيهم ، والمال عندهمو ومنهمو المستشار والملك , يا أهل مصر إنى قد نصحت لكم تهودوا قد تهود الفلك .

قال الدكتور ترتون: “كانت عادة الحكومة قد جرت على استعمال النصارى الذين قلما خلا منهم ديوان من دواوين الدولة.

كما أننا نرى رجلاً مسيحياً يتولى إدارة السجن قريباً من الكوفة سنة 26 هـ وقت أن كان الوليد بن عقبة عاملاً عليها.

ولما تم للعرب فتح مصر أبقوا من فيها من العمال البيزنطيين.”

وفى أيام الناصر تولى أحد اليهود ، وهو العلامة حسداى بن شبروت ، الإشراف على الخزانة العامة ، وكان قبل ذلك قد حظى برعاية الناصر لخدماته الدبلوماسية ، وترجمته لكتاب ديستوريدس عن الأعشاب الطبية.

كان موسى بن ميمون – الذى يعده اليهود من عظماء فلاسفتهم – من أطباء الناصر صلاح الدين. وعلى الرغم من كل هذا الكرم والتكريم الذى لقيه فى مصر ، إلا أنه كان يكتب رسائل سباب فى العرب لصديق له فى الفيوم ، ولدينا جانب من هذه الرسائل.

وفى ظل هذه الرعاية ، وفد كثير من العلماء والأدباء اليهود إلى قرطبة ، أيام الناصر وولده الحكم ، وقامت فى ظل نشاطهم مدرسة قرطبة التلمودية ، وغدت مركز الرياسة والتوجيه لهذه البحوث ، وكان يهود قرطبة يرتدون الزى العربى ، ويتخلقون بالتقاليد والعادات العربية، ويمتازون بثرائهم ومظاهرهم الفخمة.

إن عدد البلدان الإسلامية فى العالم تجاوز خمسة وأربعين بلداً وقطراً ، وإن البلاد المفتوحة أو التى وقع فيها صدام بين المسلمين وبين امبراطوريتى الفرس والروم لا يتجاوز عددها الربع من مجموع الدول الإسلامية التى أسلمت اقتناعاً وطوعاً.

روى أبو يوسف فى كتاب الخراج أن عمر بن الخطاب مرَّ على قوم قد أقيموا فى الشمس فى بعض أرض الشام ، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقيل له: إنهم أقيموا فى الجزية! فكره ذلك ، وقال: “هم وما يعتذرون به ، قالوا: يقولون: لا نجد. قال دعوهم ، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون ، ثم أمر بهم فخلى سبيلهم”.

روى عن عمر بن الخطاب أنه قال لقاتل أخيه زيد بن الخطاب: والله لا أحبك حتى تحب الأرض الدم ! فقال الأعرابى القاتل : أفتظلمنى حقى يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : لا ! فقال الأعرابى: إنما يأسى على الحب النساء.

وحدث أن يهود خيبر أرادوا رشوة عبد الله بن رواحة ، ليقلل ما يأخذه من خراج أرضهم – على حسب الصلح الذى تم بينهم وبين المسلمين. فقال عبد الله : “تُطعموننى السحت؟” والله جئتكم من أحب الناس إلىّ – يعنى رسول الله – ولأنتم أبغض إلى من عدتكم من القردة والخنازير .. .. ولا يحملنى بغضى إياكم على ألا أعدل فيكم فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.”

لذلك كذب من افترى على التاريخ الإسلامى أو الإسلام بقوله: عدم إباحة الإسلام بإنخراط أهل الذمة فى خدمة المسلمين. فلم يحرم القرآن استخدام أهل الكتاب فى الأعمال التى يصلحون لها.

ومما سبق يتضح لنا أن لأهل الذمة الحق فى تولى وظائف الدولة كالمسلمين ، إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة فى الجيش ، والقضاء بين المسلمين ، والولاية على الصدقات ونحوها ذلك.

وجميع الآيات التى ذكرها السؤال فى منابذة اليهود والنصارى مبتوتة الصلة بهذا الموضوع.

قال الدكتور ترتون: “لما لام الناس ابن الفرات ورموه بالكفر لسوقه إمارة الجيش إلى أحد المسيحيين ، دافع عن نفسه بأنه اقتدى بالخلفاء السابقين الذين ولوا النصارى وظائف الدولة ، وكان هؤلاء النصارى يلقون كل مظاهر الاحترام.

وحدث فى بغداد أن دخل أحد وزراء النصارى ، واسمه عبدون بن صاعد ، على القاضى إسماعيل بن إسحاق ، فوقف له مرحباً. ولاحظ القاضى أن الشهود وبقية الحاضرين أنكروا عليه هذا العمل.

فلما خرج الوزير قال لهم القاضى: قد علمت إنكاركم، وإن الله تعالى يقول:
“لا ينهاكُمُ اللهُ عن الذين لم يُقاتِلُكُمْ فى الدِّين ، ولَمْ يُخرِجُوكُم من ديارِكُم أن تبرُّهُم وتُقسِطوا إلهم” (الممتحنة 8).

وهذا الرجل يقضى حوائج المسلمين ، وهو سفير بيننا وبين خليفتنا ، وهذا من البر. فآمن على قوله ورضوا به.

هذا التسامح مع المخالفين فى الدين من قوم قامت حياتهم كلها على الدين ، وتم لهم به النصر والغلبة ، أمر لم يُعهَد فى تاريخ الديانات ، وهذا ما شهد به الغربيون أنفسهم:

ففى ذلك يقول جوستاف لوبون: “رأينا من آى القرآن التى ذكرناها آنفاً أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية ، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التى ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص ، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته”.

ويقول (شارلكن): “إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى وأنهم مع امتشاقهم السيف نشراً لدينهم ، تركوا من لم يرغبوا فيه أحراراً فى التمسك بتعاليمهم الدينية”.

يقول المؤرخ الأمريكى سكوت: “كان دفع الجزية يضمن الحماية لأقل الناس ، وكان يسمح للورع المتعصب أن يزاول شعائره دون تدخل ، كما يسمح للملحد أن يجاهر بآرائه دون خشية المطاردة ، وكان الأحبار يزاولون شؤونهم فى سلام”.

ويستشهد الدكتور ا.س. ترتون مؤلف “أهل الذمة فى الإسلام” بشهادة البطريرك النصرانى (عيشويابه): “إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون. إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية ، بل يمتدحون ملتنا ، ويوقرون قديسينا وقسيسينا ، ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا”.

والظاهر أن الاتفاق الذى تم بين (عيشويابه) وبين العرب نصَّ على وجوب حمايتهم من أعدائهم ، وألا يحملوا قسراً على الحرب من أجل العرب ، وألا يؤذوا من أجل الاحتفاظ بعبادتهم وممارسة شعائرهم ، وألا تزيد الجزية المجبية من الفقير على أربعة دراهم ، وأن يؤخذ من التاجر والغنى اثنا عشر درهماً وإذا كانت أَمَة نصرانية فى خدمة مسلم ، فإنه لا يحق لسيدها أن يجبرها على ترك دينها أو إهمال صلاتها والتخلى عن صيامها.

يقول المؤرخ الشهير (ولز) فى صدد بحثه عن تعاليم الإسلام:إنها أسست فى العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم ، وإنها لتنفخ فى الناس روح الكرم والسماحة ، كما أنها إنسانية السمة ، ممكنة التنفيذ ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما غمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعى عما فى أية جماعة أخرى سبقتها .. .. .. إنه ملىء بروح الرفق والسماحة والأخوة”

ويقول السير (مارك سايس) فى وصف الإمبراطورية الإسلامية فى عهد الرشيد: “وكان المسيحيون واليهود والمسلمون على السواء يعملون فى خدمة الحكومة.”

ويقول (ليفى بروتستال) فى كتابه إسبانيا الإسلامية فى القرن العاشر: “إن كاتب الذمم كثيراً ما كان نصرانياً أو يهودياً ، … وقد كانوا ينوبون عن الخليفة بالسفارات إلى دول أوروبا الغربية ، وكانوا يتصرفون للدولة فى الأعمال الإدارية والحربية”.

ويقول (رينو) فى كتابه تاريخ غزوات العرب فى فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط: “إن المسلمين فى مدن الأندلس كانوا يعاملون النصارى بالحسنى ، كما أن النصارى كانوا يراعون شعور المسلمين فيخنتون أولادهم ولا يأكلون لحم الخنزير”.

ويقول (أرنولد) وهو يتحدث عن المذاهب الدينية بين الطوائف المسيحية: “ولكن مبادىء التسامح الإسلامى حرَّمت مثل هذه الأعمال التى تنطوى على الظلم ، بل كان المسلمون على خلاف غيرهم ، إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جهداً فى أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحيين بالعدل والقسطاس ، مثال ذلك: أنه بعد فتح مصر استغل اليعاقبة فرصة إقصاء السلطات البيزنطية ليسلبوا الأرثوذكس كنائسهم ، ولكن المسلمين أعادوها أخيراً إلى أصحابها الشرعيين بعد أن دلَّلَ الأرثوذكس على ملكهم لها.”

تحدث بطريرك أنطاكية (ميخائيل الأكبر) الذى عاش فى النصف الثانى من القرن الثانى عشر – بعد أن خضعت الكنائس الشرقية للحكم الإسلامى خمسة قرون – عن تسامح المسلمين واضطهاد الروم للكنائس الشرقية: “وهذا هو السبب فى أن إله الانتقام الذى تفرد بالقوة والجبروت ...: لما رأى شرور الروم ، الذين لجأوا إلى القوة فنهبوا كنائسنا وسلبوا ديارنا فى كافة ممتلكاتهم وأنزلوا فينا العقاب فى غير رحمة ولا شفقة ، أرسل أبناء إسماعيل (العرب) من الجنوب (الجزيرة العربية) ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم ، وفى الحق أننا إذا كنا قد تحملنا شيئاً من الخسارة بسبب انتزاع الكنائس الكاثوليكية منا وإعطائها لأهل خلقدونية فقد استمرت هذه الكنائس فى حوزتهم ، ولما أسلمت المدن للعرب خصص هؤلاء لكل طائفة الكنائس التى وجدت فى حوزتها – وفى ذلك الوقت كانت قد انتزعت منا كنيسة حمص الكبرى وكنيسة حوران – ومع ذلك لم يكن كسباً هيناً أن نتخلص من قسوة الروم وأذاهم وحنقهم وتحمسهم العنيف ضدنا ، وأن نجد أنفسنا فى أمن وسلام”.

وإذا نظرنا إلى تسامح المسلمين مع أصحاب الديانات والعقائد الأخرى فى وقت قيادة المسلمين لزمام الحكم الإسلامى ، ظهر لنا أن الفكرة التى شاعت بأن السيف كان العامل فى تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة التصديق.

فلو كان السيف هو وسيلة المسلمين فى إكراه غيرهم لاعتناق هذا الدين ، لما بقى مسيحى واحد يعيش فى مصر ، ولما بقى آخرون يعيشون فى مختلف أقطار الشرق؟!
وإن وجود هذه الأقليات المسيحية أو اليهودية التى ترفل فى حلل الرخاء والثراء والنعمة وبدرجة أعلى مما تحصَّلَ عليه الأغلبية المسلمة .. لأكبر دليل على سقوط هذا الزعم ، وأصدق حجة تدفع هذا الاتهام القائم على التخرص.

وربما منع عمر توظيف نفر من أهل الكتاب لتهم خاصة ، كثبوت الرشوة عليهم مثلاً ، أو إضرارهم بالمناصب التى يتولونها. أو لعدم كفاءة كافية أو لوجود من هم أجدر للقيام بهذا العمل ، وهذا المنع عدالة تطبق على المسلمين واليهود والنصارى على السواء.

وشعور الفرد بحقه وكرامته فى كنف الدولة الإسلامية جعلت المظلوم يركب المشاق ، ويتجشم وعثاء السفر من مصر إلى المدينة المنورة ، واثقاً بأن حقه لن يضيع ، وأن شكوته ستجد أذاناً صاغية ، وأن الإسلام يقف بجانب المظلوم حتى تعود له حقوقه: فقد ذهب أحد المصريين إلى المدينة المنورة يشتكى ابن عمرو بن العاص الذى ضربه بالسوط لأن المصرى تفوق عليه فى سباق قائلاً له: أنا ابن الأكرمين! فاستدعى الخليفة عمرو وابنه، وأعطى السوط للقبطى وقال له: اضرب ابن الأكرمين ، فلما انتهى من ضربه أراد عمر أن يضرب القبطى عمرو بن العاص نفسه قائلاً له: أدر السوط على صلعة عمرو فإنما ضربك بسلطانه. فقال القبطى إنما ضربت من ضربنى. ثم التفت عمر إلى عمرو وقال كلمته الشهيرة: “ياعمرو ، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.

أخذ الوليد بن عبد الملك كنيسة يوحنا من النصارى وأدخلها فى المسجد. فلما استخلف عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم فى كنيستهم ، فكتب إلى عامله يرد ما زاده فى المسجد عليهم ، لولا أنهم تراضوا مع الوالى على أساس أن يعوضوا بما يرضيهم.

ومن مفاخر التاريخ الإسلامى أن يحكم القاضى لنصرانى بدرع على بن أبى طالب أمير المؤمنين وقتها بالدرع لعدم وجود بيِّنة أو دليل عند صاحب الدرع أنه يملكها: سقطت درع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، فوجدها عند رجل نصرانى فاختصما إلى القاضى شريح. قال علىّ الدرع درعى، فقال النصرانى: ما الدرع إلا درعى ، وما أمير المؤمنين عندى إلا بكاذب. فالتفت القاضى شريح إلى علىّ يسأله: يا أمير المؤمنين، هل لك من بينة؟ فضحك على وقال: أصاب شريح ، ما لى بينة. وقضى شريح للنصران بالدرع ، لأنه صاحب اليد عليها ، ولم تقم بينة علىّ بخلاف ذلك.

فأخذها هذا الرجل ومضى ، ولم يمشى خطوات ، حتى عاد يقول: أما أنى أشهد أن هذه أحكام أنبياء! أمير المؤمنين يديننى إلى قاضيه فيقضى لى عليه! أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله ، الدرع درعك يا أمير المؤمنين. اتبعت الجيش وأنت منطلقين من صفين فخرجت من بعيرك الأورق. فقال علىّ رضي الله عنه: أما إذ أسلمت فهى لك!

وبعد كل هذا الشرف وهذه العدالة ، هل احترموا المسلمين؟ هل عدلوا هم بين المسلمين؟ هل قدروا مواقف المسلمين وعدلهم؟ لا. وإليك أمثلة على هذا:

حدث فى سنة 977م أن آلت الرياسة فى بلدة دقوقا إلى اثنين من النصارى وتمكنا بها وتصرفا فيها تصرف الحاكم ، واستعبدا المسلمين ..
فقدم بعض هؤلاء المسلمين على جبرائيل بن محمد واشتكوا له سوء المعاملة والذل الذى يعيشون فيه تحت وطأة هذين النصرانيين فقبض عليهما وصادر أملاكهما.

واستوزر المعز لدين الله عيسى بن نسطور النصرانى واستناب بالشام منشة اليودى ، فمال الوزير عيسى إلى النصارى ، وشجع منشة اليهود. فضج الناس بالشكوى ، فألقى الخليفة القبض عليهما ، وأخذ من عيسى ثلاثمائة ألف دينار ، وغرَّمَ منشة مبلغاً ضخماً.

وفى القرن الثانى عشر الميلادى استوزر الحافظ لدين الله مسيحياً أرمينياً يدعى بهرام ويلقب تاج الدولة. وقد عمد بهرام هذا إلى فصل المسلمين من وظائفهم وتعيين المسيحيين بدلاً منهم ، كما انها وعز إلى النصارى بالإسراف فى بناء الكنائس والأديرة. وقد كان مسلك هذا الوزير المتعصب سبباً فى إثارة المسلمين ضده.

ونحن نتساءل فى أى عهد من التاريخ المسيحى استوزر الملوك المسيحيون يهوداً أو مسبمين؟ بل فى أى عهد استوزر الكاثوليك بروتستانتيَّاً او بالعكس؟

ومن الحقائق التى لا يجوز أيضاً نسيانها أن هذا الصنيع لم يقابل بحمد ولا تقدير:

ذكر المقريزى فى خططه: “لما انتهى الفيضان زمن الحافظ لدين الله انتدب الموفق بن الخلال جماعة من العدول والكتاب النصارى إلى الولايات والأعمال لتحرير ما شمله الرى ومازرع من الأرض ، وتقدير خراجها ، وكتابة المكلفات.

وحدث أن خرج إلى بعض الجهات من يمسحها من شاد وناظر وعدول ، وتأخر الكاتب النصرانى ، ثم لحقهم. وأراد الكاتب عبور النهر إلى الناحية الأخرى فحمله ضامن المعدية حتى إذا بلغ به وجهته المقصودة سأله أجره ، فغضب الكاتب وسبه ، وقال له: “أنا ماسح هذه البلدة ، وتريد حق التعدية؟”

فقال له الضامن: إن كان لى زرع فخذه. ثم تقدم فخلع لجام بغلة القبطى، وألقاها فى معديته. ولم يجد الكاتب بداً من دفع الأجرة حين أخذ لجام بغلته.

ولما انتهى من مسح البلد وفرغ من تبييض المكلفة وحملها إلى ديوان الخراج فى العاصمة كما جرت العادة ، أضاف عشرين فداناً إلى المجموع ، وترك فراغاً بإحدى الصفحات ، وأطلع الشهود على القائمة فوقعوا بصدقها.

ثم كتب هو فى البياض الذى تركه “أرض اللجام” باسم صاحب المعدية وقدرها بعشرين فداناً، لكل فدان أربعة دنانير. ثم حمل المكلفة إلى ديوان الأصيل.”وتم إرغامه على دفع النقود وبيع قاربه لتسديد ماتبقى ، إضافة إلى إهانته وضربه بالمقارع.
فسار صاحب المعدية إلى القاهرة وأبلغ الخليفة قصته ، وعندما تأكد الخليفة من صدق كلامه، نكَّل بالكاتب النصرانى ، كما أمر بكف أيدى النصارى كلهم عن الخدمة.

وكان الحافظ مولعاً بالفلك والتنجيم ، فعمد النصارى إلى رشوة منجِّمَهُ الخاص وطلبوا إليه أن يفضى للخليفة بأن مصر ستزدهر إن أقام السلطان فى تدبير الدولة واحداً معيناً من النصارى – وهو الأكرم بن زكريا – فجازت الحيلة على الخليفة وجعله أمير الدواوين.

وبادر الأكرم من ساعته إلى زيادة عدد المسيحيين أكثر مما كانوا قبلاً وظهرت عليهم دلائل النعمة ، وبالغوا فى الشدة على المسلمين ، وضايقوهم فى أرزاقهم واستولوا على الأحباس الدينية والأوقاف الشرعية ، واتخذوا العبيد والمماليك والجوارى من المسلمين والمسلمات ، حتى لقد حملوا أحد الكتاب المسلمين على بيع أولاده وبناته بغرامة فرضوها عليه”.

والتزم الخطة نفسها أبو نجاح النصرانى المعروف بالراهب الذى استوزره الخليفة الفاطمى العاشر الملقب بلآمر. فقد ارتكب مظالم كثيرة ، وسار فى سياسة أحفظت عليه النفوس وبغَّضته لدى العامة ، ولم يفلت من بلائه كبار الموظفين ومنهم القضاة والكتاب ، بل تهجم على مكانة الرسول ) وزعم أنه كاذب ، فأمر الخليفة بقتله.

وعندما تولى (بطرس غالى باشا) رياسة الوزارة فى القرن السابق تمكن من أن يبيع للأقباط من أملاك الحكومة أرضاً شاسعة فى الصعيد بأثمان سمحة. وذلك سر الثروات التى تكونت لهم هناك.

وأنهى إجابتى هذه بدفاع الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات عن يهودى اتهم زوراً: حدث فى المدينة أن رجلاً مسلماً يدعى (طعمة بن أبيرق) سطا على أهل بيت من المسلمين ، وسرق منهم درعاً ثم خبَّأها عند يهودى.

وبحث أصحاب الدرع عنها فوجدوها فى بيت اليهودى ، فاتهموه بأنه سارقها ، وتضافرت كل القرائن على اتهامه ، فطعمة يحلف أنه ما أخذ الدرع ولا استودعها أحد ، ويؤكد اليهودى أنه أخذها من طعمة وديعة.

وقد ذهب قوم إلى الرسول يطلبون منه أن ينتصر للحق الذى فى جانب المسلم ، وأن يأخذ اليهودى بالعقاب ويقتص منه. كما جاء قوم طعمة يجادلون عن صاحبهم ويبرؤونه.

فإذا بالوحى ينزل كاشفاً الغطاء عن الحقيقة ، مبرئاً ساحة اليهودى ، دامغاً خصمه بأنه خائن أثيم – وإن تظاهر بالإسلام – مؤنباً قومه لجدالهم عنه وسعيهم لدى الرسول كى يجادل عنه كذلك: وبدأت الآيات الكريمة بخطاب الرسول:
“إنَّا أنزلْنا إليكَ الكِتابَ بالحقِّ لتحكُمَ بينَ الناسِ بِما أراكَ الله” (النساء 105)

فالقرآن مظهر الحق وجوهره والحكم به لإقرار الحق بين الناس قاطبة. فاناس أمام الحق سواء ، يهوداً كانوا أو نصارى أو مسلمين. ومن ثَمَّ يقول الله له:
“ولا تَكُن للخائنين خصيما ، واستغفرِ اللهَ ، إنَّ اللهَ كان غفوراً رحيما ، ولا تُجادل عن الذين يختانون أنفسهم إنَّ الله لا يُحبُّ مَنْ كانَ خوَّاناً أثيماً” (النساء 105-107)

ثم يتوجه التقريع إلى قوم السارق الذين حسبوا الإسلام عصبية عمياء ، والذين توهموا أنه ما دام فى القضية يهودى فعليه أن يحمل الوزر:
 “يَستَخْفُونَ منَ الناسِ ولا يستخفونَ منَ اللهِ وهو معهم إذ يبيِّتون ما لا يرضى منَ القولِ ، وكان الله بما يعملون مُحِيطا ، ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يُجادلُ الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً”(النساء 108-109)

ثم يتجه الوحى إلى السارق بالنصيحة كى يرجع عن غيه ويتوب من ضلاله:
“ومَن يعمل سوءاً أو يَظلِم نفسهُ ثمَّ يستغفرِ الله يجدِّ اللهَ غفور رحيم” (النساء 110)

ويحذره ويحذِّر غيره من المسلمين (لأنه عليم سيعلم البرىء من الذنب وحكيم) ألاّ يرموا باتهم جُزافاً. فإنّ إسناد الجرائم إلى أبرياء إثم كبير ، مهما كانت أجناسهم ودياناتهم ، فإن السّيّئة تحيق بمرتكبها وحده:
“ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه ، وكان الله عليماً ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا” حكيما (النساء 111-112)

) يطلب منه التيقظ ثم يوجه الله خطابه مرة أخرى إلى الرسول ( لألاعيب الخصوم وكيد المتقاضين:
“ولولا فضل اللهِ عليكَ ورحمتهُ ، لهمَّت طائفةٌ منهم أن يضلوك ، ومايُضلُّونَ إلا أنفسهم ، وما يضرُّنكَ من شىء ، وأنزل الله عليك الكتابَ والحكمةَ وعَلَّمَكَ ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما” (النساء 113)

أرأيت كيف أنصف القرآن الرجل اليهودى البرىء وفضح المسلم المذنب. إنه مكيال واحد.

إن سماحة الإسلام تتجلى فى مواطن كثيرة ، فتبدو فى حسن المعاشرة ، ولطف المعاملة ، ورعاية الجوار ، وسعة المشاعر الإنسانية من البر والرحمة والإحسان ، وهى الأمور التى تحتاج إليها الحياة اليومية ، ولا يغنى فيها قانون ولا قضاء ، وهذه الروح تكاد لا تجدها إلا فى المجتمع الإسلامى.

تتجلى هذه السماحة فى قول القرآن فى شأن الوالدين المشركين اللذين يحاولان إخراج ابنهما من التوحيد إلى الشرك:
“وصاحبهما فى الدنيا معروفاً” (لقمان 15).

وفى ترغيب القرآن فى البر والإقساط إلى المخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين فى الدين:
“لا ينهاكم الله عن اللذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يُخرجُكُم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ، إن الله يحب المقسطين” (الممتحنة 8).

وفى قول القرآن يصف الأبرار من عباد الله: “ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً” (الإنسان 8) ، ولم يكن الأسير حين نزلت الآية إلا من المشركين.

بل القرآن يُصرُّ على معاملة المشركين المتمسِّكينَ بشركهم أجمل المعاملة وألينها:
“ليس عليك هُداهم ، ولكنَّ الله يهدى من يشاء ، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ، وما تُنفِقُون إلا ابتغاء وجهِ الله” (البقرة 272).

وقد روى محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفى ومدوِّن مذهبه: أن النبى ( ) بعث إلى أهل مكة مالاً لما قحطوا لوزع على فقرائهم.
وفى قول القرآن يبين أدب المجادلة مع المخالفين: “ولا تُجادِلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم ، وقولوا آمنا بالذى أُنزِلً إلينا وأُنزِلً إليكُم وإلهنا وإلهكم واحد” (العنكبوت 46).

) لأهل الكتاب ، وتتجلى هذه السماحة أيضاً فى معاملة الرسول ( فقد كان يزورهم ويكرمهم ، ويحسن إليهم ، ويعود مرضاهم ، ويأخذ منهم ويعطيهم.: قدم ) بها ، وفد نجران – وهم من النصارى – إلى المدينة المنورة ، وكان الرسول ( فدخلوا عليه مسجده بعد العصر ، فكانت صلاتهم ، فقاموا يصلون فى مسجده ، فأراد الناس ): دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم. منعهم ، فقال رسول الله ( زار النبى ) جاره اليهودى - الذى كان يؤذيه ويرمى القاذورات أمام بيته وفى طريقه – الحبيب ( عندما مرضَ ، وقال له اليهودى: والله إن أخلاقك لأخلق الأنبياء أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

لها واقفاً ، فقيل له: إنها ومرت عليه جنازة فقام ( جنازة يهودى! فقال عليه الصلاة والسلام: أليست نفساً؟!

وتتجلى هذه السماحة كذلك فى معاملة الصحابة والتابعين لغير المسلمين: فهذا عمر بن الخطاب يأمر بصرف معاش دائم ليهودى وعياله من بيت مال المسلمين ثم يقول: قال الله تعالى “إنما الصدقاتُ للفقراءِ والمساكينِ” وهذا من مساكين أهل الكتاب.

ويمر عمر فى رحلته إلى الشام بقوم مجذومين من النصارى فيأمر بمساعدة اجتماعية لهم من بيت مال المسلمين.

وبعد أن طُعِنَ عمر من أبى لؤلؤة المجوسىّ بخنجر ، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يوصى الخليفة من بعده وهو على فراش الموت فيقول: (أوصى الخليفة من بعدى بأهل الذمة خيراً ، أن يوفى بعهدِهم وأن يقاتل من ورائهم ، وألا يكلفهم فوق طاقتهم).

وابن عمر يوصى غلامه أن يعطى جاره اليهودى من الأضحية ، ويكرر الوصية عليه مرة بع مرة ، حتى ) قال: دُهِشَ الغلام وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودى؟ فقال له: أن النبى ( مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.

وماتت أم الحارث بن أبى ربيعة ) . وكان بعض أجلاء التابعين يعطون نصيباً وهى نصرانية فشيعها أصحاب رسول الله ( من صدقة الفطر لرهبان النصارى ولا يرون فى ذلك حرجاً. بل ذهب بعضهم كعكرمة وابن سيرين والزهرى إلى جواز اعطائهم من الزكاة نفسها.

وما هو الأساس الفكرى لتسامح المسلمين؟

إن أساس النظرة المتسامحة التى تسود المسلمين فى معاملة مخافيهم فى الدين يرجع إلى الأفكار والحقائق الناصعة التى غرسها الإسلام فى عقول المسلمين وقلوبهم. وأهمها:

1- اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان ، أيا كان دينه أو جنسه أو لونه: قال تعالى
“ولقد كرمنا بنى آدم” (الإسراء 70) ، وهذه الكرامة المقررة توجب لكل انسان حق الاحترام والرعاية.

2- اعتقاد المسلم أن اختلاف الناس فى اختلاف الدين واقع بمشيئة الله تعالى ، الذى منح هذا النوع من خلقه الحرية والاختيار فيما يفعل ويدع
“فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” (الكهف 29) ، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين” (هود 118).
فالمسلم يوقن أن مشيئة الله لا راد لها ولا معقِّب، كما أنه لا يشاء إلا ما فيه الخير والحكمة ، عَلِمَ الناس ذلك أو جهلوه. وكيف يفكر المسلم أن يجبر غيره على اعتناق الإسلام وربه يقول: “ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعاً ، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” (يونس 99)

3- ليس المسلم مكلفاً أن يحاسب الكافرين على كفرهم ، أو يعاقب الضالين على ضلالهم ، فهذا ليس إليه ، وليس موعده هذه الدنيا ، إنما حسابهم إلى الله فى يوم الحساب ، وجزاؤهم متروك إليه فى يوم الدين:
“وإن جادلوك فقل: الله أعلم بما تعملون ، الله يحكمُ بينكُم يومَ القيامةِ فيما كنتم فيه تختلفون” (الحج ) فى شأن أهل الكتاب: “فلذلك فادع واستقم كما (68 – 69) وقال مخاطباً نبيه ( أُمِرتَ ولا تتبع أهواءَهم ، وقل آمنتُ بما أنزل اللهُ من كتابٍ ، وأُمِرتُ لأعدِلَ بينكم ، الله ربُنا وربُكم ، لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، لا حجة بيننا وبينكم ، الله يجمع بيننا وإليه المصير” (الشورى 15).

وبهذا يستريح ضمير المسلم ، ولا يجد فى نفسه أى أثر للصراع بين اعتقاده بكفر الكافر ، وبين مطالبته ببره والإقساط إليه ، وإقراره على ما يراه من دين واعتقاد.

4- إيمان المسلم بأن الله يأمر بالعدل ، ويحب القسط ، ويدعو إلى مكارم الأخلاق ، ولو مع المشركين ، ويكره الظلم ويعاقب الظالمين ، ولو كان الظلم من مسلم لكافر. قال تعالى:
“ولا يجرِمَنَّكُم شنآنُ قومِ على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى” (المائدة 8).
وقال صلى الله عليه وسلَّم:
(دعوة المظلوم – وإن كان كافراً – ليس دونها حجاب).

سمعنا عن التاريخ الأسود للكنيسة ورجالها. ومازلنا نسمع عن الفضائح التى لا تمت للدين أو للأخلاق بصلة. لكن هل نفهم من كل ما قلت أنَّ الإسلام لم يُكره أحد على الدخول فيه؟ فما هذا الذى تعلمناه ونسمعه فى وسائل الإعلام ومن بعض ذوى العلم ولن أقول لك من رجال الدين لأننى بصراحة لا أثق فيهم وهم فى المقام الأول يعيشون من التبشير بدين مخالف لدين الإسلام. فهم يرتزقون من وجود المسيحية كدين أو حتى كمذهب؟

أو بمعنى آخر :
ما سبب قول البعض من المسلمين ومن غير المسلمين إنَّ الإسلام انتشر بالسف وما تُسمُّونه الجهاد؟

من الأكاذيب التي يرددها أعداء الإسلام والمسلمين أن الإسلام قام على السيف وأنه لم يدخل فيه معتنقوه بطريق الطواعية والاختيار، وإنما دخلوا فيه، بالقهر والإكراه، وقد اتخذوا من تشريع الجهاد في الإسلام وسيلة لهذا التجني الكاذب الآثم ، وشتان ما بين تشريع الجهاد وما بين إكراه الناس على الإسلام فإن تشريع الجهاد لم يكن لهذا ، وإنما كان لحكم سامية ، وأغراض شريفة .

وهذه الدعوى الباطلة الظالمة كثيراً ما يرددها المبشرون والمستشرقون ، الذين يأكلون من الطعن في الإسلام وفي نبي الإسلام ، ويسرفون في الكذب والبهتان ، فيتصايحون قائلين : أرأيتم ؟!! هذا محمد يدعو إلى الحرب ، وإلى الجهاد في سبيل الله ، أي إلى إكراه الناس بالسيف على الدخول في الإسلام ، وهذا على حين تنكر المسيحية القتال ، وتمقت الحرب ، وتدعو إلى السلام ، وتنادي بالتسامح ، وتربط بين الناس برابطة الإخاء في الله وفي السيد المسيح عليه السلام .

وقد فطن لسخف هذا الادعاء كاتب غربي كبير هو: (توماس كارليل) صاحب كتاب الأبطال (ترجمه الكاتب الصحفى أنيس منصور تحت عنوان: “العظماء مائة أعظمهم محمد”) ، فإنه اتخذ نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام، مثلاً لبطولة النبوة، وقال ما معناه: (إن اتهامه - أي سيدنا محمد - بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، ويستجيبون له، فإذا آمن به من لا يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين ، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها) [حقائق الإسلام وأباطيل خصومة للعقاد صـ227] .

ومن الإنصاف أن نقول أيضاً: إن بعض المستشرقين لم يؤمن بهذه الفرية ، ويرى أن الجهاد كان لحماية الدعوة ، ورد العدوان ، وأنه لم يُكره أحد فى الإسلام على اعتناقه.

من واقع تاريخ الدعوة الإسلامية

والآن فلنأخذ في تفنيد هذه الدعوى الظالمة من واقع تاريخ الدعوة الإسلامية قبل فرض الجهاد ، ومن حكم تشريعه في الإسلام ، ومن نصوص القرآن والسنة المتكاثرة ، ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وسير خلفائه الراشدين وأصحابه ، ومن واقع تاريخ المسلمين اليوم ، وما تعرضوا له من اضطهاد وحروب ومظالم ، لم تزدهم إلا صلابة في التمسك بالإسلام ، والعض عليه بالنواجذ ، فأقول وبالله التوفيق :

1 - لقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عاما ، وهو يدعو إلى الله بالحجة والموعظة الحسنة ، وقد دخل في الإسلام في هذه الفترة من الدعوة خيار المسلمين من الأشراف وغيرهم ، وكان الداخلون أغلبهم من الفقراء ، ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثراء ما يغري هؤلاء ، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، وقد تحمَّل المسلمون - ولاسيما الفقراء والعبيد ومن لا عصبية له منهم - من صنوف العذاب والبلاء ألواناً ، فما صرفهم ذلك عن دينهم ، وما تزعزعت عقيدتهم ، بل زادهم ذلك صلابة في الحق ، وصمدوا صمود الأبطال مع قلتهم وفقرهم ، وما سمعنا أن أحداً منهم ارتدّ سخطاً عن دينه ، أو أغرته مغريات المشركين في النكوص عنه ، وإنما كانوا كالذهب الإبريز لا تزيده النار إلا صفاء ونقاء ، وكالحديد لا يزيده الصهر إلا قوةً وصلابةً ، بل بلغ من بعضهم أنهم وجدوا في العذاب عذوبة ، وفي المرارة حلاوة .

ثم كان أن هاجر بعضهم إلى بلاد الحبشة هجرتين ، ثم هاجروا جميعاً الهجرة الكبرى إلى المدينة ، تاركين الأهل والولد والمال والوطن ، متحملين آلام الاغتراب ، ومرارة الفاقة والحرمان ، واستمر الرسول بالمدينة عاماً وبعض العام يدعو إلى الله بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وقد دخل في الإسلام من أهل المدينة قبل الهجرة وبعدها عدد كثير عن رضاً واقتناع ويقين واعتقاد ، وما يكون لإنسان يحترم عقله ويذعن للمقررات التاريخية الثابتة ، أن يزعم أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الأربعة عشر عاماً أو تزيد حول أو قوة ترغم أحداً على الدخول في الإسلام ، إلا إذا ألغى عقله وهدم التاريخ الصحيح.

2- إن تشريع الجهاد في الإسلام لم يكن لإرغام أحد على الدخول في الإسلام كما زعموا ، وإنما كان للدفاع عن العقيدة وتأمين سبلها ووسائلها ، وتأمين المعتنقين للإسلام ، وردِّ الظلم والعدوان ، وإقامة معالم الحق ، ونشر عبادة الله في الأرض ، فَلَمَّا تَمَالأ المشركون على المسلمين أمرهم الله بقتالهم عامة ، ثم ماذا يقول هؤلاء المغرضون في قوله تعالى:

(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم ، إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولَّوهم، ومن يتولَّهم فأولئك هم الظالمون) (الممتحنة8-9).

فالإسلام لم يقف عند حدِّ أن من سالمنا سالمناه ، بل لم يمنع من البر بهم والعدل معهم ، وعدم الجور عليهم ، وكذلك كان موقف القرآن كريماً جداً مع الذين قاتلوا المسلمين ، وأخرجوهم من ديارهم ، أو ساعدوا عليه ، فلم يأمر بظلمهم أو البغي عليهم ، وإنما نهى عن توليهم بإفشاء الأسرار إليهم أو نصرتهم وإخلاص الودِّ لهم ، فإن حاربونا حاربناهم ، وصدق الله
(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) (البقرة 190)
3- ونصوص القرآن والسنة الصحيحة تردان على هذا الزعم وتكذبانه .

وقد صرح الوحي بذلك في غير ما آية قال تعالى :

( لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي ، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، والله سميع عليم ) (البقرة 256)

وإليك ما ذكره ثقات المفسرين في سبب نزول هذه الآية : روي أنه كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان متنصران قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الزيت ، فلزمهما أبوهما وقال : لا أدعكما حتى تسلما ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله تعالى: (لا إكراه في الدين …) الأية ، فخلَّى سبيلهما .

وقال الزهري سألت زيد بن أسلم عن قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين … ) قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحداً في الدين ، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوه ، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له ، ومعنى ( لا إكراه في الدين ) أي دين الإسلام ليس فيه إكراه عليه .

وقال سبحانه :
(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (يونس 99) .

وقال
( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (الكهف 29) .

فالآية نص في أن من اختار الإيمان فباختياره ، ومن اختار الكفر فباختياره ، فلا إكراه ، ولكن مع هذا التخيير فالله سبحانه يحب الإيمان ويرضاه ويدعو إليه، ويكره الكفر ويحذر منه، ونصوص القرآن حافلة في هذا المعنى ، ولهذا عقَّب الله التخيير بقوله محذراً ومنفراً
( إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ) (الكهف 29) .

والكفر رأس الظلم ، فلا يتوهمن أحد أن حمل الآية على التخيير وعدم الإكراه يشعر بإباحة الكفر أو الرضا به، حاشا لله أن يكون هذا ، ولعل خوف هذا التوهم هو الذي حدا كثيراً من المفسرين على حمل الآية على التهديد والوعيد ، حتى مثَّل علماء البلاغة للأمر الذي يراد به التهديد بهذه الآية ، فالآية بنصها تخيير ، ولكنه تخيير يستلزم تهديداً ووعيداً لا محالة في حال اختيار الكفر على الإيمان ، وهي نصوص صريحة في عدم الإكراه على الإسلام.

وأما السنة فقد جاءت مؤيدة لما جاء به القرآن ، وإليك طرفاً منها : روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال:
[اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغُلُّوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهنَّ ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم . . . فإن هم أبَوا فسَلْهم الجزية ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم ، فإن هم أبَوا فاستعن بالله وقاتلهم].

وهكذا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالقتال إلا بعد أن تستنفد الوسائل السلمية ، وليس بعد استنفادها إلا أنهم قوم مفسدون أو يريدون الحرب، و في هذا السياق فإن الجزية ليست للإرغام على الإسلام ، وإنما هي نظير حمايتهم وتأمينهم وتقديم شتى الخدمات لهم.
وليس أدل على هذا مما رواه البلاذري في فتوح البلدان أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لواقعة اليرموك، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الجزية وقالوا: (قد شُغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم) فقال أهل حمص: (لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم ، ولندفعن جند هرقل ـ مع أنه على دينهم ـ عن المدينة مع عاملكم)، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود. وقالوا : إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه ، وإلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد …

وماذا تقول في الحديث الشريف :
(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)؟

قلنا : المراد بالحديث فئة خاصة ، وهم وثنيو العرب ، أما غيرهم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم على التخيير بين الأمور الثلاثة التي نص عليها حديث مسلم.

على أن بعض كبار الأئمة كمالك والأوزاعي ومن رأى رأيهما يرون أن حكم مشركي العرب كحكم غيرهم في التخيير بين الثلاثة : الإسلام ، أو الجزية ، أو القتال ، واستدلوا بحديث مسلم السابق .

وإذا نظرنا بعين الإنصاف إلى الذين حملوا حديث المقاتلة على وثنيي العرب ، لا نجده يجافي الحق والعدل ، فهؤلاء الوثنيون الذين بقوا على شركهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الصد عن الإسلام ومحاربته إلا فعلوها ، ثم هم أعرف الناس بصدق الرسول ، فهو عربي من أنفسهم والقرآن عربي بلغتهم ، فالحق بالنسبة إليهم واضح ظاهر ، فلم يبق إلا أنهم متعنتون معوِّقون لركب الإيمان والعدل والحضارة عن التقدم .

4- ويرد هذه الفرية ويقتلعها من أساسها ما التزمه الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته من التسامح مع أناس أُسِروا وهم على شركهم، فلم يلجئهم على الإسلام، بل تركهم واختيارهم.

فقد ذكر الثقات من كُتَّاب السير والحديث أن المسلمين أسروا في سرية من السرايا سيد بني حنيفة ـ ثمامة بن أُثال الحنفي – وهم لا يعرفونه، فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه وأكرمه ، وأبقاه عنده ثلاثة أيام، وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضاً كريماً فيأبى ويقول:

إن تسأل مالاً تُعطه، وإن تقتل تقتل ذا دمٍ، وإن تنعم تنعم على شاكر، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أطلق سراحه.

ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة ، وهذه المعاملة الكريمة ، فذهب واغتسل ، ثم عاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً مختاراً ، وقال له: [ يا محمد، والله ما كان على الأرض من وجه أبغض إليَّ من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى. والله ما كان على الأرض من دين أبغض إلىَّ من دينك ، فقد أصبح دينك أحب الدين إليَّ. والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك ، فقد أصبح أحب البلاد إليَّ ] .

وقد سر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه سروراً عظيماً ، فقد أسلم بإسلامه كثير من قومه ، ولم يقف أثر هذا التسامح في المعاملة عند إسلام ثمامة وقومه بل كانت له آثار بعيدة المدى في تاريخ الدعوة الإسلامية ، فقد ذهب مكة معتمراً ، فهمَّ أهلها أن يؤذوه ولكنهم ذكروا حاجتهم إلى حبوب اليمامة، فآلى على نفسه أن لا يرسل لقريش شيئاً من الحبوب حتى يؤمنوا، فجهدوا جهداً شديداً فلم يرَوا بُدّاً من الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم .

ترى ماذا كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ؟ أيدع ثمامة حتى يلجئهم بسبب منع الحبوب عنهم إلى الإيمان؟
لا. لقد عاملهم بما عرف عنه من التسامح، وأن لا إكراه في الدين، فكتب إلى ثمامة أن يخلِّي بينهم وبين حبوب اليمامة، ففعل .
فما رأيكم أيها المفترون؟

بل امتد أثر دخوله في الإسلام على أساس من الاختيار والرغبة الصادقة إلى ما بعد حياة النبي ، ذلك أنه لما ارتد بعض أهل اليمامة ، ثبت ثمامة ومن اتبعه من قومه على الإسلام ، وصار يحذر المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب ، ويقول لهم: (إياكم وأمراً مظلماً لا نور فيه، وإنه لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاء على من لم يأخذ به منكم)، ولما لم يجد النصح معهم خرج هو ومن معه من المسلمين وانضموا للعلاء بن الحضرمي مدداً له، فكان هذا مما فتَّ في عضد المرتدين، وألحق بهم الهزيمة.

و إليك قصة أخرى : لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها ظافراً منتصراً كان صفوان بن أمية ممن أهدرت دماؤهم ؛ لشدة عداوتهم للإسلام ، والتأليب على المسلمين ، فاختفى وأراد أن يذهب ليلقي بنفسه في البحر ، فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي وقال: يا نبي الله ، إن صفوان سيد قومه ، وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمِّنه ، فأعطاه عمامته ، فأخذها عمير حتى إذا لقي صفوان قال له: (فداك أبي وأمي. جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس، وأحلم الناس، وخير الناس، وهو ابن عمك، وعزه عزك، وشرفه شرفك، وملكه ملكك) فقال صفوان: إني أخافه على نفسي. قال عمير: هو أحلم من ذلك وأكرم، وأراه علامة الأمان و هي العمامة؛ فقبل برده، فرجع إلى رسول الله فقال: إن هذا يزعم أنك أمنتني، فقال النبي: “صدق”. فقال صفوان: أمهلني بالخيار شهرين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل أربعة أشهر)، ثم أسلم بعد وحسن إسلامه.
فهل بعد هذه الحجج الدامغة يتقوَّل متقوِّل على الإسلام زاعماً أنه قام على السيف والإكراه؟!

5- ثم ما رأي المبشرين والمستشرقين في أن من أكره على شيء لا يلبث أن يتحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له؟ بل ويصبح حرباً على هذا الذي أكره عليه؟ ولكن التاريخ الصادق يكذب هذا، فنحن نعلم أن العرب ـ إلا شرذمة تسور الشيطان عليها ـ ثبتوا على ما تركهم عليه الرسول، وحملوا الرسالة، وبلَّغوا الأمانة كأحسن ما يكون البلاغ إلى الناس كافة، ولم يزالوا يكافحون ويجاهدون في سبيل تأمين الدعوة وإزالة العوائق من طريقها حتى بلغت ما بلغ الليل والنهار في أقل من قرن من الزمان، ومن يطَّلع على ما صنعه العرب في حروبهم وفتوحاتهم لا يسعه إلا أن يجزم بأن هؤلاء الذين باعوا أنفسهم رخيصة لله، لا يمكن أن يكون قد تطرق الإكراه إلى قلوبهم، وفي صحائف البطولة التي خطوها أقوى برهان على إخلاصهم وصدق إيمانهم، وسل سهول الشام وسهول العراق؟ وسل اليرموك والقادسية؟ وسل شمال إفريقيا تخبرك ما صنع هؤلاء الأبطال؟

6- ثم ما رأي هؤلاء المفترين على الإسلام في حالة المسلمين لمَّا ذهبت ريحهم ، وانقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات ، وصاروا شيعاً وأحزاباً وتعرضوا لمحن كثيرة في تاريخهم الطويل كمحنة التتار ، والصليبيين في القديم ، ودول الاستعمار في الحديث ، وكل محنة من هذه المحن كانت كافية للمكرهين على الإسلام أن يتحللوا منه ويرتدوا عنه .
 فأين هم الذين ارتدوا عنه؟ أخبرونا يا أصحاب العقول !!.

إن الإحصائيات الرسمية لتدل على أن عدد المسلمين في ازدياد على الرغم من كل ما نالهم من اضطهاد وما تعرضوا له من عوامل الإغراء ، وقد خرجوا من هذه المحن بفضل إسلامهم وهم أصلب عودا وأقوى عزيمة على استرداد مجدهم التليد وعزتهم الموروثة.

بل ما رأي هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه؟ وإنما انتشر فيها الإسلام بوساطة العلماء والتجار والبحّارة كأندونيسيا، والصين، وبعض أقطار إفريقيا، وأوروبا وأمريكا، فهل جرَّد المسلمون جيوشاً أرغمت هؤلاء على الإسلام؟ ألا فليسألوا أحرار الفكر الذين أسلموا من أوروبا وغيرها، وسيجدون عندهم النبأ اليقين.

لقد انتشر الإسلام في هذه الأقطار بسماحته ، وقربه من العقول والقلوب ، وها نحن نرى كل يوم من يدخل في الإسلام ، وذلك على قلة ما يقوم به المسلمون من تعريف بالإسلام ، ولو كنا نجرد للتعريف به عشر معشار ما يبذله الغربيون من جهد ومال لا يحصى في سبيل التبشير بدينهم وحضارتهم ، لدخل في الإسلام ألوف الألوف في كل عام. ولن ترى ـ إن شاء الله ـ من يحل عروة الإسلام من عنقه أبداً مهما أنفقوا في سبيل دعاياتهم التبشرية، وبعثاتهم التعليمية والتنصيرية.

أما بعد: فقد لاح الصبح لذي عينين، وتبيَّن الحق لكل ذي عقل وقلب، وما إخالك ـ أيها القاريء المنصف ـ إلا إزددت بسماحة الإسلام وسماحة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إليه، وأن ما ردَّده المستشرقون والمبشرون ما هو إلا فرية كبرى:

(كبرت كلمةً تخرج من أفواههم ، إن يقولون إلا كذبا) الكهف 5

كتبه الأخ / أبو بكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق