المتابعون

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

من سورة الأعراف

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ٨٠_٨١
من سورة الأعراف 
﴿وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦۤ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدࣲ مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (٨٠) إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةࣰ مِّن دُونِ ٱلنِّسَاۤءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمࣱ مُّسۡرِفُونَ (٨١)﴾ [الأعراف ٨٠-٨١]

يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَ﴾ قَدْ أَرْسَلْنَا ﴿لُوطًا﴾ أَوْ تَقْدِيرُهُ: ﴿وَ﴾ اذْكُرْ ﴿َلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾وَلُوطٌ هُوَ ابْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِمَا(١) السَّلَامُ، وَكَانَ قَدْ آمَنَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهَاجَرَ مَعَهُ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، فَبَعَثَهُ اللَّهُ [تَعَالَى](٢) إِلَى أهل "سَدُوم" وما حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا كَانُوا يَرْتَكِبُونَهُ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ وَالْفَوَاحِشِ الَّتِي اخْتَرَعُوهَا، لَمْ يَسْبِقْهُمْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَلَا غَيْرِهِمْ، وَهُوَ إِتْيَانُ الذُّكُورِ. وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ بَنُو آدَمَ تَعْهَدُهُ وَلَا تَأْلَفُهُ، وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ، حَتَّى صَنَعَ ذَلِكَ أَهْلُ "سَدُوم" عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ.قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَوْلُهُ: ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ: مَا نَزَا ذَكَر عَلَى ذَكَر، حَتَّى كَانَ قَوْمُ لُوطٍ.وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَلِيفَةُ الْأُمَوِيُّ، بَانِي جَامِعِ دِمَشْقَ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَصَّ عَلَيْنَا خَبَرَ لُوطٍ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ ذَكَرًا يَعْلُو ذَكَرًا.وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ لُوطٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ﴾ أَيْ: عَدَلْتُمْ(٣) عَنِ النِّسَاءِ، وَمَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْهُنَّ إِلَى الرِّجَالِ، وَهَذَا إِسْرَافٌ مِنْكُمْ وَجَهْلٌ؛ لِأَنَّهُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿ [قَالَ](٤) هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الْحِجْرِ:٧١] فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَشْتَهُونَهُنَّ، ﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [هُودٍ:٧٩] أَيْ: لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا أرَبَ لَنَا فِي النِّسَاءِ، وَلَا إِرَادَةَ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مُرَادَنَا مِنْ أَضْيَافِكَ.وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ الرِّجَالَ كَانُوا قَدِ اسْتَغْنَى(٥) بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ كُنَّ قَدِ اسْتَغْنَى(٦) بَعْضُهُنَّ بِبَعْضٍ أَيْضًا.

(١) في ك، أ: "عليه".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في د، م: "أعدلتم".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في ك، م: "اغتني".
(٦) في ك: "استغنين".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق